سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٤٥٦
القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جهاته، وحيث تصرف، فمن لزم هذا استغنى عن اللفظ وعما سواه من الكلام في القرآن، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر، وخرج عن الايمان، وبانت منه امرأته، يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه، وجعل ماله فيئا بين المسلمين ولم يدفن في مقابرهم، ومن وقف، فقال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق، فقد ضاهى الكفر، ومن زعم أن لفظي بالقرآن مخلوق، فهذا مبتدع، لا يجالس ولا يكلم. ومن ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري فاتهموه، فإنه لا يحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه (1).
وقال الحاكم: أخبرنا محمد بن أبي الهيثم ببخارى، أخبرنا الفربري، حدثنا البخاري، قال: نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس، فما رأيت أحدا أضل في كفرهم من الجهمية، وإني لأستجهل من لا يكفرهم (2).
وقال غنجار: حدثنا محمد بن أحمد بن حاضر العبسي، حدثنا الفربري، سمعت البخاري يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق. ومن قال مخلوق فهو كافر (3).
وقال الحاكم: حدثنا طاهر بن محمد الوراق، سمعت محمد بن شاذل يقول: لما وقع بين محمد بن يحيى والبخاري، دخلت على البخاري، فقلت: يا أبا عبد الله، أيش الحيلة لنا فيما بينك وبين محمد بن

(١) " تاريخ بغداد " ٢ / ٣١، ٣٢.
(٢) ذكره في " خلق أفعال العباد " ص 71، وهو من الغلو والافراط الذي لا يوافقه عليه جمهور العلماء سلفا وخلفا، وكيف يحكم بكفرهم، ثم يروي عنهم، ويخرج أحاديثهم في صحيحه الذي انتقاه وشرط فيه الصحة؟!
(3) " تاريخ بغداد " 2 / 32، و " مقدمة الفتح ": 492.
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»