سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٤٤٩
وكان لا يشتغل بأمور الناس، كل شغله كان في العلم.
وقال: سمعت سليم بن مجاهد يقول: ما بقي أحد يعلم الناس الحديث حسبة غير محمد بن إسماعيل. ورأيت سليم بن مجاهد يسأل أبا عبد الله أن يحدثه كل يوم بثلاثة أحاديث، ويبين له معانيها وتفاسيرها وعللها. فأجابه إلى ذلك قدر مقامه. وكان أقام في تلك الدفعة جمعة.
وسمعت سليما يقول: ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه، ولا أورع، ولا أزهد في الدنيا، من محمد بن إسماعيل (1).
قال عبد المجيد بن إبراهيم: ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل، كان يسوي بين القوي والضعيف.
ذكر كرمه وسماحته وصفته وغير ذلك قال محمد بن أبي حاتم: كانت له قطعة أرض يكريها كل سنة بسبع مئة درهم. فكان ذلك المكتري ربما حمل منها إلى أبي عبد الله قثاة أو قثاتين، لان أبا عبد الله كان معجبا بالقثاء النضيج، وكان يؤثره على البطيخ أحيانا، فكان يهب للرجل مئة درهم كل سنة لحمله القثاء إليه أحيانا.
قال: وسمعته يقول: كنت أستغل كل شهر خمس مئة درهم، فأنفقت كل ذلك في طلب العلم. فقلت: كم بين من ينفق على هذا الوجه، وبين من كان خلوا من المال، فجمع وكسب بالعلم، حتى اجتمع له. فقال أبو عبد الله: * (ما عند الله خير وأبقى) * [الشورى: 36].

(1) " طبقات السبكي " 2 / 227 من كلام سليم بن مجاهد، وكذا في " مقدمة الفتح ": 486.
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»