وأما " الصحيح " فهو أعلى ما وقع لنا من الكتب الستة في أول ما سمعت الحديث، وذلك في سنة اثنتين وتسعين وست مئة (1). فما ظنك بعلوه اليوم وهو سنة خمس عشرة وسبع مئة (2)!! لو رحل الرجل من مسيرة سنة لسماعه لما فرط. كيف وقد دام علوه إلى عام ثلاثين، وهو أعلى الكتب الستة سندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شئ كثير من الأحاديث، وذلك لان أبا عبد الله أسن الجماعة، وأقدمهم لقيا للكبار، أخذ عن جماعة يروي الأئمة الخمسة (3) عن رجل عنهم.
ذكر رحلته وطلبه وتصانيفه قال محمد بن أبي حاتم البخاري: سمعت أبا عبد الله محمد بن إسماعيل يقول: حججت، ورجع أخي بأمي، وتخلفت في طلب الحديث فلما طعنت في ثمان عشرة، جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد الله بن موسى (4).
وصنفت كتاب " التاريخ " إذ ذاك عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة. وقل اسم في التاريخ إلا وله قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب (5).