سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ١٦٩
ليسمع منه - وكان إذا ذاك أمرد أنكر أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره. فقال له أبو داود: هو - وإن كان أمرد - أحفظ من أصحاب اللحى، فامتحنه، بما أردت. فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها، فحدثه حينئذ ولم يحدث أمرد غيره (1).
قال: وكان أحد حفاظ الأثر، عالما بعلل الحديث، بصيرا باختلافه، ورد بغداد قديما، وجالس بها الحفاظ، وجرت بينه وبين أحمد ابن حنبل مذاكرات. وكان أبو عبد الله يذكره، ويثني عليه. وقيل: إن كلا منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا، ثم رجع ابن صالح إلى مصر، وانتشر عند أهلها، علمه، وحدث عنه الأئمة.
أنبأنا أبو الغنائم بن علان، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرني أحمد بن سليمان بن علي المقرئ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل، أخبرنا أبو أحمد بن عدي، سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، سمعت أبا بكر بن زنجويه، يقول: قدمت مصر، فأتيت أحمد بن صالح، فسألني: من أين أنت؟
قلت: من بغداد. قال: أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل؟ فقلت: أنا من أصحابه. قال: تكتب لي موضع منزلك؟ فإني أريد أوافي العراق، حتى تجمع بيننا. فكتبت له، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة ومئتين إلى عفان، فسأل عني، فلقيني، فقال: الموعد الذي بيني وبينك؟
فذهبت به إلى أحمد بن حنبل، واستأذنت له، فقلت: أحمد بن صالح بالباب، فأذن له، فقام إليه، ورحب به وقربه. ثم قال له: بلغني أنك جمعت

(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»