سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣٧٦
قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق الحنظلي، رضي الله عنه، يقول: ليس بين أهل العلم اختلاف أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وكيف يكون شئ خرج من الرب، عز وجل، مخلوقا؟!
قال أبو العباس السراج: سمعت إسحاق الحنظلي، يقول: دخلت على طاهر بن عبد الله بن طاهر، وعنده منصور بن طلحة، فقال لي منصور: يا أبا يعقوب، تقول: إن الله ينزل كل ليلة؟ قلت: نؤمن به. إذا أنت لا تؤمن أن لك في السماء ربا، لا تحتاج أن تسألني عن هذا. فقال له طاهر الأمير: ألم أنهك عن هذا الشيخ؟
قال أبو داود السجستاني: سمعت ابن راهويه، يقول: من قال: لا أقول مخلوق، ولا غير مخلوق، فهو جهمي.
وورد عن إسحاق أن بعض المتكلمين، قال له: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء. فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء.
قلت: هذه الصفات من الاستواء والاتيان والنزول، قد صحت بها النصوص، ونقلها الخلف عن السلف، ولم يتعرضوا لها برد ولا تأويل، بل أنكروا على من تأولها مع إصفاقهم (1) على أنها لا تشبه نعوت المخلوقين، وأن الله ليس كمثله شئ، ولا تنبغي المناظرة،، ولا التنازع فيها، فإن في ذلك محاولة للرد على الله ورسوله، أو حوما على التكييف أو التعطيل.

(1) أي اجتماعهم. يقال: أصفقوا على الامر، إذا اجتمعوا عليه، وأصفقوا على الرجل، كذلك. قال زهير بن أبي سلمى:
رأيت بني آل امرئ القيس أصفقوا * علينا وقالوا: إننا نحن أكثر وفي حديث عائشة، رضوان الله عليها: " فأصفقت له نسوان مكة "، أي اجتمعوا إليه.
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»