سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣٧٩
نعم وحديث تفرد به جعفر بن محمد الفريابي، قال: حدثنا إسحاق، حدثنا شبابة، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس، قال:
" كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا كان في سفر فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر، ثم ارتحل "، فهذا منكر، والخطأ فيه من جعفر (1)، فقد رواه مسلم في " صحيحه " (2) عن عمرو الناقد، عن شبابة، ولفظه: " إذا كان في سفر وأراد الجمع، أخر الظهر، حتى يدخل أول وقت العصر، ثم يجمع بينهما ". تابعه الحسن بن محمد الزعفراني، عن شبابة، وقد اتفقا عليه في " الصحيحين " (3) من حديث عقيل عن ابن شهاب، عن أنس. ولفظه:
" إذا عجل به السير، أخر الظهر إلى أول وقت العصر، فيجمع بينهما " ومع حال إسحاق وبراعته في الحفظ، يمكن أنه لكونه كان لا يحدث إلا من حفظه، جرى عليه الوهم في حديثين من سبعين ألف حديث. فلو أخطأ منها في ثلاثين حديثا لما حط ذلك رتبته عن الاحتجاج به أبدا. بل كون إسحاق تتبع حديثه، فلم يوجد له خطأ قط سوى حديثين، يدل على أنه أحفظ أهل زمانه.

(١) وقد رد الحافظ في " الفتح " قول من أعل الحديث بتفرد إسحاق بذلك عن شبابة، ثم تفرد جعفر الفريابي به عن إسحاق، بأنه ليس ذلك بقادح، فإنهما إمامان حافظان. وجمع التقديم جاء من غير وجه، فأخرجه الشافعي ١ / ١١٦، ١١٧، وأحمد ١ / ٣٦٧ عن ابن عباس، وأخرجه أبو داود (١٢٠٨) عن معاذ. انظر " الفتح " ٢ / ٤٨٠.
(٢) رقم (٧٠٣) (٤٧) في صلاة المسافرين: باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر.
(3) البخاري 2 / 479 في التقصير: باب يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، ومسلم (704).
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»