سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣٢٩
يكن أحد أروى في الدنيا عن أبيه من عبد الله بن أحمد، لأنه سمع منه " المسند " وهو ثلاثون ألفا، و " التفسير " وهو مئة وعشرون ألفا، سمع ثلثيه، والباقي وجادة (1).
ابن السماك: حدثنا حنبل، قال: جمعنا أحمد بن حنبل، أنا وصالح وعبد الله، وقرأ علينا " المسند "، ما سمعه غيرنا. وقال: هذا الكتاب: جمعته وانتقيته من أكثر من سبع مئة ألف وخمسين ألفا، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فارجعوا إليه. فإن وجدتموه فيه، وإلا فليس بحجة.
قلت: في " الصحيحين " أحاديث قليلة، ليست في " المسند "، لكن قد يقال: لا ترد على قوله. فإن المسلمين ما اختلفوا فيها، ثم ما يلزم من هذا القول: أن ما وجد فيه أن يكون حجة، ففيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها، ولا يجب الاحتجاج بها. وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة، ولكنها قطرة في بحر (2). وفي غضون المسند زيادات جمة لعبد الله بن أحمد.
قال ابن الجوزي: وله - يعني: أبا عبد الله - من المصنفات

(1) الوجادة: هي أن يجد الشخص أحاديث بخط راويها، سواء لقيه أو سمع منه، أم لم يلقه ولم يسمع منه، أو أن يجد أحاديث في كتب المؤلفين المعروفين. ففي هذه الأنواع كلها لا يجوز له أن يرويها عن أصحابها، بل يقول: وجدت بخط فلان، إذا عرف الخط، ووثق منه. أو يقول: قال فلان، أو نحو ذلك. والذي عليه المحققون من أهل العلم وجوب العمل بها عند حصول الثقة بما يجده القارئ، أي يثق بأن هذا الخبر أو الحديث بخط الشيخ الذي يعرفه، أو يثق بأن الكتاب الذي ينقل منه ثابت النسبة إلى مؤلفه الثقة المأمون، وأن يكون إسناد الخبر صحيحا.
(2) للحافظ ابن حجر رسالة رد بها على من ادعى أن في المسند أحاديث موضوعة وسمها ب‍ " القول المسدد في الذب عن مسند أحمد ". وهي مطبوعة في الهند.
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»