سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣٢٥
إليهم، وكان مضطجعا، فلما خرجوا، قال: ما أريد أن يدخل علي هؤلاء.
الخلال: أخبرنا محمد بن علي السمسار، حدثني إسحاق بن هانئ، قال لي أبو عبد الله: بكر حتى نعارض بشئ من الزهد (1). فبكرت إليه، وقلت لام ولده: أعطيني حصيرا ومخدة، وبسطت في الدهليز، فخرج أبو عبد الله، ومعه الكتب والمحبرة، فقال: ما هذا؟! فقلت: لنجلس عليه، فقال: ارفعه، الزهد لا يحسن إلا بالزهد. فرفعته، وجلس على التراب.
قال: وأخبرني يوسف بن الضحاك، حدثني ابن جبلة، قال: كنت على باب أحمد بن حنبل، والباب مجاف، وأم ولده تكلمه، وتقول: أنا معك في ضيق، وأهل صالح يأكلون ويفعلون، وهو يقول: قولي خيرا، وخرج الصبي معه، فبكى. فقال: ما تريد؟ قال: زبيب. قال: اذهب خذ من البقال بحبة (2).
وقال الميموني: كان منزل أبي عبد الله ضيقا صغيرا، وينام في الحر في أسفله.
وقال لي عمه: ربما قلت له فلا يفعل، ينام فوق. وقد رأيت موضع مضجعه وفيه شاذكونة (3) وبرذعة (4)، قد غلب عليها الوسخ.

(1) للإمام أحمد كتاب في " الزهد "، بتصحيح عبد الرحمن بن قاسم، جمع فيه المؤلف بعض الأحاديث في زهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وبعض الرسل، ثم زهد الخلفاء الراشدين وبعض الصحابة والتابعين، وهو يقع في (400) صفحة. وقد طبع في مطبعة أم القرى، ثم صور.
(2) الحبة: سدس ثمن درهم، وهو جزء من ثمانية وأربعين جزءا من الدرهم.
(3) أي مضربة كبيرة. انظر " أنساب " السمعاني 7 / 238.
(4) أي الحلس يلقى تحت الرحل.
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»