وقال المروذي: مرض أحمد تسعة أيام، وكان ربما أذن للناس، فيدخلون عليه أفواجا، يسلمون ويرد بيده. وتسامع الناس وكثروا.
وسمع السلطان بكثرة الناس، فوكل السلطان ببابه وبباب الزقاق الرابطة وأصحاب الاخبار، ثم أغلق بال الزقاق، فكان الناس في الشوارع والمساجد، حتى تعطل بعض الباعة. وكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه، ربما دخل من بعض الدور وطرز (1) الحاكة، وربما تسلق، وجاء أصحاب الاخبار، فقعدوا على الأبواب.
وجاءه حاجب ابن طاهر، فقال: إن الأمير يقرئك السلام، وهو يشتهي أن يراك. فقال: هذا مما أكره، وأمير المؤمنين قد أعفاني مما أكره.
قال: وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العسكر، والبرد تختلف كل يوم. وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه، وجعلوا يبكون عليه. وجاء قوم من القضاة وغيرهم، فلم يؤذن لهم. ودخل عليه شيخ، فقال: أذكر وقوفك بين يدي الله، فشهق أبو عبد الله، وسالت دموعه.
فلما كان قبل وفاته بيوم أو يومين، قال: ادعوا لي الصبيان، بلسان ثقيل. قال: فجعلوا ينضمون إليه، وجعل يشمهم ويمسح رؤوسهم، وعينه تدمع، وأدخلت تحته الطست، فرأيت بوله دما عبيطا. فقلت للطبيب، فقال: هذا رجل قد فتت الحزن والغم جوفه.