سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٣٢
سمعت أبي، يقول: والله لقد أعطيت المجهود من نفسي، ولوددت أني أنجو كفافا.
الحاكم: حدثنا أبو علي الحافظ، سمعت محمد بن المسيب، سمعت زكريا بن يحيى الضرير، يقول: قلت لأحمد بن حنبل: كم يكفي الرجل من الحديث حتى يكون مفتيا؟ يكفيه مئة ألف؟ فقال: لا. إلى أن قال: فيكفيه خمس مئة ألف حديث؟ قال: أرجو.
المحنة (1):
قال عمرو بن حكام: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق علمه ". تفرد به عمرو، وليس بحجة (2).
وقال سليمان بن بنت شرجبيل، حدثنا عيسى بن يونس، عن سليمان.

(١) إن الإمام أحمد صار مثلا سائرا، يضرب به المثل في المحنة والصبر على الحق، فإنه لم يكن يأخذه في الله لومة لائم، حتى صارت الإمامة مقرونة باسمه في لسان كل أحد، فيقال:
قال الإمام أحمد، وهذا مذهب الإمام أحمد... لقوله تعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا، وكانوا بآياتنا يوقنون). فإنه أعطي من الصبر واليقين ما نال به الإمامة في الدين، وقد تداوله ثلاثة خلفاء يسلطون عليه من شرق الأرض إلى غربها، ومعهم من العلماء المتكلمين والقضاة والوزراء والامراء والولاة ما لا يحصيه إلا الله، فبعضهم تسلط عليه بالحبس، وبعضهم بالتهديد الشديد، وبعضهم يعده بالقتل وبغيره من الرعب، وبعضهم بالترغيب في الرياسة والمال، وبعضهم بالنفي والتشريد من وطنه. وقد خذله في ذلك أهل الأرض حتى أصحابه العلماء والصالحون، وهو مع ذلك لا يجيبهم إلى كلمة واحدة مما طلبوا منه، وما رجع عما جاء به الكتاب والسنة، ولأكتم العلم، ولا استعمل التقية، بل قد أظهر من سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وآثاره ما دفع به البدع المخالفة لذلك ما لم يتأت مثله لعالم من نظرائه.
(2) لكن نقل المصنف في " الميزان " قول ابن عدي: عامة ما يرويه عمرو بن حكام غير متابع عليه، إلا أنه مع ضعفه يكتب حديثه. ومعنى هذا أن ضعفه خفيف، ويصلح حديثه أن يكون شاهدا، وهو هنا كذلك.
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»