سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٢١
واحتمل، ويقول: يكفي الله. ولم يكن بالحقود ولا العجول، كثير التواضع، حسن الخلق، دائم البشر، لين الجانب، ليس بفظ. وكان يحب في الله، ويبغض في الله، وإذا كان في أمر من الدين، اشتد له غضبه.
وكان يحتمل الأذى من الجيران.
قال حنبل: صليت بأبي عبد الله العصر، فصلى معنا رجل يقال له محمد بن سعيد الختلي، وكان يعرفه بالسنة. فقعد أبو عبد الله بعد الصلاة، وبقيت أنا وهو والختلي في المسجد ما معنا رابع. فقال لأبي عبد الله: نهيت عن زيد بن خلف أن لا يكلم؟ قال: كتب إلي أهل الثغر يسألوني عن أمره، فكتبت إليهم، فأخبرتهم بمذهبه وما أحدث، وأمرتهم أن لا يجالسوه، فاندفع الختلي على أبي عبد الله، فقال: والله لأردنك إلى محبسك، ولأدقن أضلاعك... في كلام كثير. فقال لي أبو عبد الله: لا تكلمه ولا تجبه.
وأخذ أبو عبد الله نعليه وقام فدخل، وقال: مر السكان أن لا يكلموه ولا يردوا عليه. فما زال يصيح، ثم خرج. فلما كان بعد ذلك، ذهب هذا الختلي إلى شعيب، وكان قد ولي على قضاء بغداد، وكانت له في يديه وصية، فسأله عنها، ثم قال له شعيب: يا عدو الله، وثبت على أحمد بالأمس، ثم جئت تطلب الوصية، إنما أردت أن تتقرب إلي بذا، فزبره، ثم أقامه.
فخرج بعد إلى حسبة العسكر.
وسرد الخلال حكايات فيمن أهدى شيئا إلى أحمد، فأثابه بأكثر من هديته.
قال الخلال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن حاتم: حدثني محمد بن الحسن بن الجنيد، عن هارون بن سفيان المستملي، قال: جئت إلى أحمد بن حنبل حين أراد أن يفرق الدراهم التي جاءته من المتوكل، فأعطاني
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»