سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٠٩
بخبز وعنبا وتمرا.
وقال لي: كانت والدتك في الظلام تغزل غزلا دقيقا، فتبيع الأستار بدرهمين أقل أو أكثر، فكان ذلك قوتنا، وكنا إذا اشترينا الشئ، نستره عنه كيلا يراه، فيوبخنا، وكان ربما خبز له، فيجعل في فخارة عدسا وشحما وتمرات شهريز (1)، فيجئ الصبيان، فيصوت ببعضهم، فيدفعه إليهم، فيضحكون ولا يأكلون. وكان يأتدم بالخل كثيرا.
قال: وقال أبي: إذا لم يكن عندي قطعة، أفرح.
وكان إذا توضأ لا يدع من يستقي له، وربما اعتللت فيأخذ قدحا فيه ماء، فيقرأ فيه، ثم يقول: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك.
وكانت له قلنسوة خاطها بيده، فيها قطن، فإذا قام بالليل لبسها.
وكان ربما أخذ القدوم، وخرج إلى دار السكان، يعمل الشئ بيده.
واعتل فتعالج.
وكان ربما خرج إلى البقال، فيشتري الجرزة الحطب والشئ، فيحمله بيده.
وكان يتنور في البيت. فقال لي في يوم شتوي: أريد أدخل الحمام بعد المغرب، فقل لصاحب الحمام. ثم بعث إلي: إني قد أضربت عن الدخول.
وتنور في البيت.
وكنت أسمعه كثيرا يقول: اللهم سلم سلم.
وبه حدثنا أحمد بن سنان، قال: بعث إلى أحمد بن حنبل حيث كان

(1) بالضم والكسر، وبالسين المهملة أو بالشين المعجمة: نوع من التمر.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»