سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٢٠٦
فلما دخل، قلت: يا أبة، ما هذا الكتاب؟ فاحمر وجهه، وقال: رفعته منك. ثم قال: تذهب لجوابه (1)؟ فكتب إلى الرجل: وصل كتابك إلي، ونحن في عافية. فأما الدين، فإنه لرجل لا يرهقنا، وأما عيالنا، ففي نعمة الله. فذهبت بالكتاب إلى الرجل الذي كان أوصل كتاب الرجل، فلما كان بعد حين، ورد كتاب الرجل مثل ذلك، فرد عليه بمثل ما رد. فلما مضت سنة أو نحوها، ذكرناها، فقال: لو كنا قبلناها، كانت قد ذهبت.
وشهدت ابن الجروي، وقد جاء بعد المغرب، فقال لأبي: أنا رجل مشهور، وقد أتيتك في هذا الوقت، وعندي شئ قد اعتددته لك، وهو ميراث، فأحب أن تقبله. فلم يزل به. فلما أكثر عليه، قام ودخل. قال صالح: فأخبرت عن ابن الجروي أنه قال: قلت له: يا أبا عبد الله، هي ثلاثة آلاف دينار. فقام وتركني.
قال صالح: ووجه رجل من الصين بكاغد صيني إلى جماعة من المحدثين، ووجه بقمطر إلى أبي، فرده، وولد لي مولود فأهدى صديق لي شيئا. ثم أتى على ذلك أشهر، وأراد الخروج إلى البصرة، فقال لي: تكلم أبا عبد الله يكتب لي إلى المشايخ بالبصرة، فكلمته فقال: لولا أنه أهدى إليك، كنت أكتب له.
وبه قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان، قال: بلغني أن أحمد ابن حنبل رهن نعله عند خباز باليمن، وأكرى نفسه من جمالين عند خروجه، وعرض عليه عبد الرزاق دراهم صالحة، فلم يقبلها.
وبعث ابن طاهر حين مات أحمد بأكفان وحنوط، فأبى صالح أن

(١) في " المناقب " لابن الجوزي: 232: " بجوابه "، بالباء.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»