سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٨١
أما في أول سنة، فبعنا الأثاث والعقار، وفي الثانية بعنا الضياع، وفي الثالثة نزحنا وأتيناك، قال: كذبت، بل هو محمود، وعرفت سخطكم على العمال. قال: صدقت يا أمير المؤمنين، وكذبت، قد خصصتنا به مدة دون باقي البلاد، فاستعمله على بلد آخر ليشملهم من عدله وإنصافه ما شملنا. فقلت: قم في غير حفظ الله، قد عزلته (1).
أول قدوم المأمون من خراسان سنة أربع ومئتين، فدخل بغداد في محمل لم يسمع بمثله.
قال إبراهيم نفطويه: حكى داود بن علي، عن يحيى بن أكثم قال:
كنت عند المأمون وعنده قواد خراسان، وقد دعا إلى القول بخلق القرآن، فقال لهم: ما تقولون في القرآن؟ فقالوا: كان شيوخنا يقولون: ما كان فيه من ذكر الحمير والجمال والبقر فهو مخلوق، فأما إذ قال أمير المؤمنين:
هو مخلوق، فنحن نقول: كله مخلوق. فقلت للمأمون: أتفرح بموافقة هؤلاء (2)؟
قلت: وكان شيعيا.
قال نفطويه: بعث المأمون مناديا، فنادى في الناس ببراءة الذمة ممن ترحم على معاوية، أو ذكره بخير. وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة ومئتين، فأنكر الناس ذلك، واضطربوا، ولم ينل مقصوده، ففتر إلى وقت (3).
وعن المأمون قال: الناس ثلاثة: رجل منهم مثل الغذاء لابد منه،

(١) " مروج الذهب " ٧ / ٣٥ - ٣٨.
(٢) " فوات الوفيات " ٢ / ٢٣٧، ٢٣٨. (٣) " فوات الوفيات " 2 / 238.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»