رجل غريب بيده محبرة إلى المأمون، فقال: يا أمير المؤمنين، صاحب حديث منقطع به. فقال: ما تحفظ في باب كذا وكذا؟ فلم يذكر شيئا.
فقال: حدثنا هشيم، وحدثنا يحيى، وحدثنا حجاج به محمد، حتى ذكر الباب، ثم سأله عن باب آخر، فلم يذكر شيئا. فقال: حدثنا فلان، وحدثنا فلان. ثم قال لأصحابه: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام، ثم يقول: أنا من أصحاب الحديث، أعطوه ثلاثة دراهم (1).
قلت: وكان جوادا ممدحا معطاء، ورد عنه أنه فرق في جلسة ستة وعشرين ألف ألف درهم، وكان يشرب نبيذ الكوفة، وقيل: بل يشرب الخمر (2) فالله أعلم.
وقيل: إنه أعطى أعرابيا مدحه ثلاثين ألف دينار.
مسروق بن عبد الرحمن الكندي: حدثني محمد بن المنذر الكندي جار لعبد الله بن إدريس، قال: حج الرشيد، فدخل الكوفة، فلم يتخلف إلا ابن إدريس وعيسى بن يونس، فبعث إليهما الأمين والمأمون، فحدثهما ابن إدريس بمئة حديث، فقال المأمون: يا عم أتأذن لي أن أعيدها حفظا؟
قال: افعل. فأعادها، فعجب من حفظه (3). ومضيا إلى عيسى، فحدثهما، فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم، فأبى، وقال: ولا شربة ماء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.