سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٧٨
وعن المأمون: من أراد أن يكتب كتابا سرا، فليكتب بلبن حلب لوقته، ويرسله، فيعمد إلى قرطاس، فيحرقه، ويذر رماده على الكتابة، فيقرأ له.
قال الصولي: اقترح المأمون في الشطرنج أشياء، وكان يحب اللعب بها، ويكره أن يقول: نلعب بها، بل نتناقل بها (1).
وعن يحيى بن أكثم قال: كان المأمون يجلس للمناظرة يوم الثلاثاء، فجاء رجل قد شمر ثيابه، ونعله في يده، فوقف على طرف البساط، وقال: السلام عليكم. فرد المأمون، فقال: أتأذن لي في الدنو؟ قال: ادن، وتكلم، قال: أخبرني عن هذا المجلس الذي أنت فيه، جلسته باجتماع الأمة أم بالغلبة والقهر؟ قال: لا بهذا ولا بهذا، بل كان يتولى أمر الأمة من عقد لي ولأخي، فلما صار الامر إلي، علمت أني محتاج إلى اجتماع كلمة المسلمين على الرضى بي، فرأيت أني متى خليت الامر، اضطرب حبل الاسلام، ومرج عهدهم، وتنازعوا، وبطل الحج والجهاد، وانقطعت السبل، فقمت حياطة للمسلمين، إلى أن يجمعوا على من يرضونه، فأسلم إليه. فقال: السلام عليك ورحمة الله. وذهب، فوجه المأمون من يكشف خبره، فرجع، فقال: مضى إلى مسجد فيه خمسة عشر رجلا في هيئته، فقالوا: لقيت الرجل؟ قال:
نعم، وأخبرهم بما جرى، فقالوا: ما نرى بما قال بأسا، وافترقوا. فقال المأمون: كفينا مؤنة هؤلاء بأيسر الخطب (2).
وقيل: إن المأمون استخرج كتب الفلاسفة واليونان من جزيرة

(1) " تاريخ الخلفاء " ص 324.
(2) " مروج الذهب " للمسعودي 7 / 39 - 43، و " تاريخ الخلفاء " 327.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»