وأقبل توفيل طاغية الروم (1)، ثم وقعت الهدنة بعد أن كتب توفيل، فبدأ بنفسه، وأغلظ في المكاتبة، فغضب المأمون، وعزم على المسير إلى قسطنطينية، فهجم الشتاء (2).
وفيها وقع حريق عظيم بالبصرة أذهب أكثرها.
وفي سنة " 218 ": اهتم المأمون ببناء طوانة، وحشد لها الصناع، وبناها ميلا في ميل، وهي وراء " طرسوس "، وافتتح عدة حصون (3)، وبالغ في محنة القرآن، وحبس إمام الدمشقيين أبا مسهر، بعد أن وضعه في النطع للقتل، فتلفظ مكرها (4).
وكتب المأمون إلى نائبه على العراق إسحاق بن إبراهيم الخزاعي كتابا يمتحن العلماء، يقول فيه: " وقد عرفنا أن الجمهور الأعظم والسواد من حشو الرعية وسفلة العامة، ممن لا نظر لهم ولا روية، أهل جهالة وعمى عن أن يعرفوا الله كنه معرفته، ويقدروه حق قدره، ويفرقوا بينه وبين خلقه، فساووا بين الله وبين خلقه، وأطبقوا على أن القرآن قديم، لم يخترعه الله، وقد قال: (إنا جعلناه قرآنا) فكل ما جعله فقد خلقه، كما قال: (وجعل الظلمات والنور)، وقال:
(نقص عليك من أنباء ما قد سبق)، فأخبر أنه قصص لأمور أحدثه بعدها.