سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٦٥
وكان يجلس في منزله على ضجاع له، ونمارق (1) [مطروحة في منزله يمنة ويسرة] لمن يأتيه من قريش، والأنصار، والناس.
وكان مجلسه مجلس وقار وحلم (2). قال: وكان رجلا مهيبا نبيلا، ليس في مجلسه شئ من المراء، واللغط، ولا رفع صوت، وكان (3) الغرباء يسألونه عن الحديث، فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث، وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه، وكان له كاتب قد نسخ كتبه، يقال له:
حبيب (4). يقرأ للجماعة، ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم، هيبة لمالك، وإجلالا له، وكان حبيب إذا قرأ، فأخطأ، فتح عليه مالك، وكان ذلك قليلا (5).
ابن وهب: سمعت مالكا يقول: ما أكثر أحد قط فأفلح.
حرملة: حدثنا ابن وهب، قال لي مالك: العلم ينقص ولا يزيد، ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب.

(1) جمع نمرقة: الوسادة.
(2) في " ترتيب المدارك ": وعلم.
(3) في الأصل: " كانوا " وسيأتي الخبر قريبا بلفظ " كان " كما أثبتنا.
(4) هو أبو محمد حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك بن أنس، قال عنه الإمام أحمد: ليس بثقة، وقال ابن معين: كان حبيب يقرأ على مالك، وكان يخطرف (يسرع) بالناس يصفح ورقتين ثلاثا. قال يحيى: وكان يحيى بن بكير سمع من مالك بعرض حبيب، وهو شر العرض، واتهمه أبو داود بالكذب، وقال ابن حبان: كان يروي عن الثقات الموضوعات، وقال النسائي: أحاديثه كلها موضوعة عن مالك وغيره. قال القاضي عياض في " الالماع " ص 77:
ولهذه العلة لم يخرج البخاري من حديث يحيى بن بكير عن مالك إلا القليل، وأكثر عنه، عن الليث، وقالوا: لان سماعه كان بقراءة حبيب، وقد أنكر هو ذلك.
(5) " ترتيب المدارك " 1 / 153، 154، و " الانتفاء " ص 41.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»