سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٦١
مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الرحمن وهو أبو طوالة، ولم يخرج البخاري لأبي يونس شيئا فيما علمت، والله أعلم.
قال أبو عبد الله الحاكم وذكر سادة من أئمة التابعين بالمدينة، كابن المسيب، ومن بعده قال: فما ضربت أكباد الإبل من النواحي إلى أحد منهم دون غيره، حتى انقرضوا وخلا عصرهم، ثم حدث مثل ابن شهاب، وربيعة، ويحيى بن سعيد، وعبد الله بن يزيد بن هرمز، وأبي الزناد، وصفوان بن سليم، وكلهم يفتي بالمدينة، ولم ينفرد واحد منهم بأن ضربت إليه أكباد الإبل حتى خلا هذا العصر فلم يقع بهم التأويل في عالم أهل المدينة. ثم حدث بعدهم مالك، فكان مفتيها، فضربت إليه أكباد الإبل من الآفاق، واعترفوا له، وروت الأئمة عنه ممن كان أقدم منه سنا، كالليث عالم أهل مصر والمغرب، وكالأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهم، والثوري، وهو المقدم بالكوفة، وشعبة عالم أهل البصرة. إلى أن قال: وحمل عنه قبلهم يحيى بن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة، فسأل مالكا أن يكتب له مئة حديث حين خرج إلى العراق، ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه.
أبو مصعب: سمعت مالكا يقول: دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين، وقد نزل على مثال له يعني فرشه وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان، وجاء صبي يخرج ثم يرجع، فقال لي: أتدري من هذا؟
قلت: لا. قال: هذا ابني، وإنما يفزع من هيبتك، ثم ساءلني عن أشياء منها جلال، ومنها حرام، ثم قال لي: أنت والله أعقل الناس، وأعلم الناس. قلت: لا والله يا أمير المؤمنين. قال: بلى. ولكنك تكتم. ثم قال: والله لئن بقيت لاكتبن قولك كما تكتب المصاحف، ولابعثن به إلى
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»