سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٣٢١
إسماعيل بن عياش؟ قال: لا، ذاك رجل لا يدري ما يخرج من رأسه.
قال أبو صالح: كان الفزاري قد روى عن إسماعيل ثم تركه، وذاك أن رجلا جاء إلى أبي إسحاق. فقال: يا أبا إسحاق، ذكرت عند إسماعيل بن عياش، فقال: أيما رجل لولا أنه شكي. قلت: هذا يدل على أن إسماعيل كان لا يرى الاستثناء في الايمان (1)، فلعله من المرجئة.
قال ابن عدي: إذا روى إسماعيل عن قوم من أهل الحجاز كيحيى ابن سعيد، ومحمد بن عمرو، وهشام بن عروة، وابن جريج، وعمر بن محمد، وعبيد الله الوصافي، فلا يخلو من غلط فيغلط، إما يكون حديثا برأسه، أو مرسلا يوصله، أو موقوفا يرفعه، وحديثه عن الشاميين إذا روى عنه ثقة، فهو مستقيم، وفي الجملة هو ممن يكتب حديثه، ويحتج به من حديث الشاميين خاصة.
قلت: حديث إسماعيل عن الحجازيين والعراقيين لا يحتج به، وحديثه عن الشاميين صالح من قبيل الحسن، ويحتج به إن لم يعارضه أقوى منه.

(1) أي: لا يرى للمؤمن أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله، والقائل بحرمة ذلك هو من يجعل الايمان شيئا واحدا، فيقول: أنا أعلم أني مؤمن، كما أني أعلم أني تكلمت بالشهادتين فيقول: أنا مؤمن، كقولي: أنا مسلم، فمن استثنى في إيمانه فهو شاك فيه، وسمي من الذين يستثنون في إيمانهم: الشكاكة. والصواب: أنه إذا أراد المستثني الشك في أصل إيمانه منع من الاستثناء، وهذا مما لا خلاف فيه، وإن أراد أنه مؤمن من المؤمنين الذين وصفهم الله بقوله: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) [الأنفال: 2، 3]. وفي قوله: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) [الحجرات:
14] فالاستثناء جائز حينئذ، وكذلك من استثنى وأراد عدم علمه بالعاقبة، وكذلك من استثنى تعليقا للامر بمشيئة الله لا شك في إيمانه.
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»