سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٢٦١
وعنه: من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة، وهو يعلم، خرج من عصمة الله، ووكل إلى نفسه. وعنه: من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه، لا يلقها في قلوبهم.
قلت: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة.
قال محمد بن مسلم الطائفي: إذا رأيت عراقيا، فتعوذ من شره، وإذا رأيت سفيان، فسل الله الجنة.
وعن الأصمعي: أن الثوري أوصى أن تدفن كتبه، وكان ندم على أشياء كتبها عن قوم.
عبد الله بن خبيق: حدثنا الهيثم بن جميل، عن مفضل بن مهلهل، قال:
حججت مع سفيان، فوافينا بمكة الأوزاعي، فاجتمعنا في دار، وكان على الموسم عبد الصمد بن علي، فدق داق الباب، قلنا: من ذا؟ قال: الأمير.
فقام الثوري، فدخل المخرج، وقام الأوزاعي فتلقاه، فقال له: من أنت [أيها الشيخ]؟ قال: أنا الأوزاعي. قال: حياك الله بالسلام، أما إن كتبك [كانت] تأتينا فنقضي حوائجك، ما فعل سفيان؟ قال: فقلت: دخل المخرج. قال:
فدخل الأوزاعي في إثره، فقال: إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك. فخرج سفيان مقطبا، فقال: سلام عليكم، كيف أنتم؟ فقال له عبد الصمد: أتيت أكتب عنك هذه المناسك، قال: أولا أدلك على ما هو أنفع لك منها؟ قال:
وما هو؟ قال: تدع ما أنت فيه، قال: وكيف أصنع بأمير المؤمنين؟ قال: إن أردت كفاك الله أبا جعفر. فقال له الأوزاعي: يا أبا عبد الله! إن هؤلاء ليس يرضون منك إلا بالاعظام لهم. فقال: يا أبا عمرو! إنا لسنا نقدر أن نضربهم، وإنما نؤدبهم بمثل هذا الذي ترى. قال مفضل: فالتفت إلي الأوزاعي،
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»