سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٢٥٩
يطلبه، فصار إلى بستان، فأجر نفسه لحفظ ثماره (1)، فمر به بعض العشارين فقال: من أنت يا شيخ؟ قال: من أهل الكوفة. قال: أرطب البصرة أحلى أم رطب الكوفة؟ قال: لم أذق رطب البصرة. قال: ما أكذبك! البر والفاجر والكلاب يأكلون الرطب الساعة. ورجع إلى العامل، فأخبره ليعجبه، فقال:
ثكلتك أمك! أدركه، فإن كنت صادقا، فإنه سفيان الثوري، فخذه لنتقرب به إلى أمير المؤمنين، فرجع في طلبه، فما قدر عليه.
قال شجاع بن الوليد: كنت أحج مع سفيان، فما يكاد لسانه يفتر من الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ذاهبا وراجعا.
وعن سفيان: أنه ذهب إلى خراسان في حق له، فأجر نفسه من جمالين.
وقال إبراهيم بن أعين: كنت مع سفيان والأوزاعي، فدخل علينا عبد الصمد بن علي - وهو أمير مكة - وسفيان يتوضأ، وأنا أصب عليه، كأنه بطأه، وهو يقول: لا تنظروا إلي، أنا مبتلى (2). فجاء عبد الصمد، فسلم، فقال له سفيان: من أنت؟ فقال: أنا عبد الصمد. فقال: كيف أنت؟ اتق الله، اتق الله، وإذا كبرت، فأسمع.
قال يحيى بن يمان: سمعت سفيان يقول: إني لارى المنكر، فلا أتكلم، فأبول أكدم دما.
قلت: مع جلالة سفيان، كان يبيح النبيذ الذي كثيره مسكر (3).

(1) وممن عمل بنطارة البساتين الزاهد إبراهيم بن أدهم. انظر الصفحة: 392. والقصة المشابهة لهذه في الصفحة: 396.
(2) أي موسوس في الوضوء.
(3) انظر الصفحة: 241، 275.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»