سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٢٦٢
فقال لي: قم بنا من هاهنا، فإني لا آمن أن يبعث هذا من يضع في رقابنا حبالا، وإن هذا ما يبالي (1).
يوسف بن أسباط: سمعت سفيان يقول: ما رأيت الزهد في شئ أقل منه في الرئاسة، ترى الرجل يزهد في المطعم [والمشرب] والمال والثياب، فإن نوزع الرئاسة، حامى عليها، وعادى (2).
عبد الله بن خبيق: حدثنا عبيد بن جناد، حدثنا عطاء بن مسلم، قال:
لما استخلف المهدي، بعث إلى سفيان، فلما دخل عليه، خلع خاتمه، فرمى به إليه، وقال: يا أبا عبد الله! هذا خاتمي، فاعمل في هذه الأمة بالكتاب والسنة. فأخذ الخاتم بيده، وقال: تأذن في الكلام يا أمير المؤمنين؟ - قلت لعطاء: قال له: يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم - قال: أتكلم على أني آمن؟ قال: نعم. قال: لا تبعث إلي حتى آتيك، ولا تعطني حتى أسألك. قال: فغضب، وهم به، فقال له كاتبه: أليس قد آمنته؟ قال: بلى.
فلما خرج، حف به أصحابه، فقالوا: ما منعك، وقد أمرك، أن تعمل في الأمة بالكتاب والسنة؟ فاستصغر عقولهم، وخرج هاربا إلى البصرة.
وعن سفيان قال: ليس أخاف إهانتهم، إنما أخاف كرامتهم، فلا أرى سيئتهم سيئة (3)، لم أر للسلطان مثلا إلا مثلا ضرب على لسان الثعلب، قال:
عرفت للكلب نيفا وسبعين دستانا (4)، ليس منها دستان خيرا من أن لا أرى الكلب ولا يراني.
محمد بن يوسف الفريابي: سمعت سفيان يقول: أدخلت على أبي

(1) الخبر في " الحلية ": 7 / 39، والزيادات منه.
(2) الخبر في " الحلية ": 7 / 39، والزيادة منه.
(3) انظر رواية أخرى للخبر في " الحلية ": 7 / 42، و: 44.
(4) الدستان: كلمة فارسية، معناها: المكر والحيلة.
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»