ويقول: إنا لم نخرج لمعصية خلفاء الله، وأهل بيت النبوة، فلا تخالفن إمامك.
فوافاه كتابه وهو على تلك الحال، فزاده هما ورعبا. ثم إنه أرسل من يثق به من أمرائه إلى المنصور، فلما قدم، تلقاه بنو هاشم بكل ما يحب، وقال له المنصور: اصرفه عن وجهه، ولك إمرة بلاده، فرجع وقال: لم أر مكروها، ورأيتهم معظمين لحقك، فارجع، واعتذر.
فأجمع رأيه على الرجوع، فقال رسوله أبو إسحاق:
ما للرجال مع القضاء محالة * ذهب القضاء بحيلة الأقوام خار الله لك، احفظ عنى واحدة: إذا دخلت على المنصور فاقتله، ثم بايع من شئت فإن الناس لا يخالفونك.
ثم إن المنصور سير أمراء لتلقي أبي مسلم، ولا يظهرون أنه بعثهم ليطمئنه، ويذكرون حسن نية المنصور له، فلما سمع ذلك، انخدع المغرور وفرح.
فلما وصل إلى المدائن، أمر المنصور أكابر دولته فتلقوه، فلما دخل عليه، سلم عليه قائما، فقال: انصرف يا أبا مسلم فاسترح، وادخل الحمام ثم اغد.
فانصرف، وكان من نية المنصور أن يقتله تلك الليلة، فمنعه وزيره أبو أيوب المورياني (1).
قال أبو أيوب: فدخلت بعد خروجه، فقال لي المنصور: أقدر على هذا، في مثل هذه الحال، قائما على رجليه، ولا أدري ما يحدث في ليلتي، ثم كلمني في الفتك به. فلما غدوت عليه، قال لي: يا ابن اللخناء لا مرحبا بك.
أنت منعتني منه أمس؟ والله ما نمت البارحة، ادع لي عثمان بن نهيك،