سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٦٩
إليه حتى أسأله لك الأمان، فإما صفح، وإما قتل على عز، قبل أن ترى المذلة والصغار من عسكرك، إما قتلوك، وإما أسلموك.
قال: فسفرت بينه وبين المنصور السفراء، وطلبوا له أمانا، فأتى المدائن.
فأمر أبو جعفر، فتلقوه وأذن له، فدخل على فرسه، ورحب به، وعانقه، وقال: انصرف إلى منزلك، وضع ثيابك، وادخل الحمام، وجعل ينتظر به الفرص، فأقام أياما يأتي أبا جعفر، فيرى كل يوم من الاكرام ما لم يره قبل.
ثم أقبل على التجني عليه، فأتى أبو مسلم الأمير عيسى بن موسى، فقال:
اركب معي إلى أمير المؤمنين، فإني قد أردت عتابه، قال: تقدم وأنا أجئ قال: إني أخافه، قال: أنت في ذمتي، قال: فأقبل، فلما صار في الرواق الداخل، قيل له: أمير المؤمنين يتوضأ، فلو جلست، وأبطأ عليه عيسى، وقد هيأ له أبو جعفر عثمان بن نهيك في عدة، وقال: إذا عاينته وعلا صوتي، فدونكموه.
قال نفطويه: حدثنا أبو العباس المنصوري قال: لما قتل أبو جعفر أبا مسلم قال: رحمك الله أبا مسلم، بايعتنا وبايعناك، وعاهدتنا وعاهدناك، ووفيت لنا ووفينا لك. وإنا بايعنا على ألا يخرج علينا أحد إلا قتلناه، فخرجت علينا فقتلناك.
وقيل: قال لأولئك: إذا سمعتم تصفيقي فاضربوه، فضربه شبيب بن واج، ثم ضربه القواد، فدخل عيسى وكان قد كلم المنصور فيه. فلما رآه قتيلا، استرجع.
وقيل: لما قتله ودخل جعفر بن حنظلة، فقال: ما تقول في أمر أبي مسلم؟
قال: إن كنت أخذت من شعره فاقتله، فقال: وفقك الله. ها هو في البساط قتيلا، فقال: يا أمير المؤمنين: عد هذا اليوم أول خلافتك، وأنشد المنصور:
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»