فوالله إن في رأسه لغدرة، فقال: يا أخي قد عرفت بلاءه، وما كان منه، وأبو جعفر يراجعه.
ثم حج أبو جعفر، وأبو مسلم. فلما قفلا تلقاهما موت السفاح بالجدري، فولي الخلافة أبو جعفر.
وخرج عليه عمه عبد الله بن علي بالشام، ودعا إلى نفسه، وأقام شهودا بأنه ولي عهد السفاح، وأنه على ذلك سار لحرب مروان وهزمه، واستأصله.
فخلا المنصور بأبي مسلم وقال: إنما هو أنا وأنت، فسر إلى عبد الله عمي، فسار بجيوشه من الأنبار، وسار لحربه عبد الله، وقد خشي أن يخامر عليه الخراسانية، فقتل منهم بضعة عشر ألفا صبرا. ثم نزل نصيبين، وأقبل أبو مسلم، فكاتب عبد الله: إني لم أومر بقتالك، وإن أمير المؤمنين ولاني الشام وأنا أريدها. وذلك من مكر أبي مسلم ليفسد نيات الشاميين.
فقال جند الشاميين لعبد الله: كيف نقيم معك، وهذا يأتي بلادنا فيقتل ويسبي؟ ولكن نمنعه عن بلادنا.
فقال لهم: إنه ما يريد الشام، ولئن أقمتم، ليقصدنكم، قال: فكان بين الطائفتين القتال مدة خمسة أشهر، وكان أهل الشام أكثر فرسانا، وأكمل عدة، فكان على ميمنة عبد الله الأمير بكار بن مسلم العقيلي، وعلى الميسرة الأمير حبيب بن سويد الأسدي.
وكان على ميمنة أبي مسلم الحسن بن قحطبة، وعلى ميسرته حازم بن خزيمة، وطال الحرب، ويستظهر الشاميون غير مرة. وكاد جيش أبي مسلم أن ينهزم، وأبو مسلم يثبتهم ويرتجز:
من كان ينوي أهله فلا رجع * فر من الموت وفي الموت وقع ثم إنه أردف ميمنته، وحملوا على ميسرة عبد الله فمزقوها، فقال عبد الله