سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٦٣
وأما علي بن محمد المدائني، فنقل عن جماعة قالوا: كتب أبو مسلم: أما بعد، فإن اتخذت رجلا إماما، ودليلا على ما افترضه الله، وكان في محلة العلم نازلا، فاستجهلني بالقرآن، فحرفه عن مواضعه طمعا في قليل قد نعاه (1) الله إلى خلقه، وكان كالذي دلي بغرور، وأمرني أن أجرد السيف، وأرفع الرحمة، ففعلت توطئة لسلطانكم، ثم استنقذني الله بالتوبة. فإن يعف عني فقدما عرف به، ونسب إليه، وإن يعاقبني فبما قدمت يداي.
ثم سار نحو خراسان مراغما.
فأمر المنصور من حضره من بني هاشم يكتبون إلى أبي مسلم، يعظمون شأنه، وأن يتم على الطاعة، ويحسنون له القدوم على المنصور.
ثم قال المنصور للرسول أبي حميد المروروذي: كلم أبا مسلم بألين ما تقدر عليه، ومنه، وعرفه أني مضمر له كل خير، فإن أيست منه، فقل له:
قال: والله لو خضت البحر، لخضته وراءك، ولو اقتحمت النار، لاقتحمتها حتى أقتلك.
فقدم على أبي مسلم بحلوان، قال: فاستشار أبو مسلم خواصه، فقالوا:
احذره.
فلما طلب الرسول الجواب قال: ارجع إلى صاحبك، فلست آتيه، وقد عزمت على خلافه. فقال: لا تفعل.
فلما آيسه من المجئ. كلمه بما أمره به المنصور، فوجم لها طويلا، ثم قال: قم. وكسره ذلك القول وأرعبه.
وكان المنصور قد كتب إلى أبي داود خليفة أبي مسلم على خراسان، فاستماله وقال: إمرة خراسان لك. فكتب أبو داود إلى أبي مسلم يلومه،

(1) في الطبري 7 / 484، والبداية 10 / 64: تعافاه.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»