سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٦٧
إنما جنده جندك، أمرتهم بطاعته، فأطاعوه.
ثم إنه أعطاهما مالا جزيلا. وفرق عساكر أبي مسلم. وكتب بعهد للأمير أبي داود خالد بن إبراهيم على خراسان.
وقد كان بعض الزنادقة، والطغام من التناسخية، اعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى، حل في أبي مسلم الخراساني المقتول، عندما رأوا من تجبره، واستيلائه على الممالك، وسفكه للدماء. فأخبار هذا الطاغية يطول شرحها.
قال خليفة بن خياط (1): قدم أبو مسلم على أبي جعفر بالمدائن، فسمعت يحيى بن المسيب يقول: قتله وهو في سرادقاته - يعني الدهليز - ثم بعث إلى عيسى بن موسى ولي العهد، فأعلمه، وأعطاه الرأس والمال فخرج به، فألقاه إليهم، ونثر الذهب، فتشاغلوا بأخذه.
وقال خليفة في مكان آخر: فلما حل أبو مسلم بحلوان، ترددت الرسل بينه وبين أبي جعفر، فمن ذلك كتب إليه أبو جعفر: أما بعد، فإنه يرين على القلوب ويطبع عليها المعاصي، فقع أيها الطائر، وأفق أيها السكران، وأنتبه أيها الحالم، فإنك مغرور بأضغاث أحلام كاذبة، وفي برزخ دنيا قد غرت قبلك سوالف القرون، فهل تحس منهم من أحد، أو تسمع لهم ركزا؟ وإن الله لا يعجزه من هرب، ولا يفوته من طلب، فلا تغتر بمن معك من شيعتي وأهل دعوتي. فكأنهم قد صاولوك إن أنت خلعت الطاعة، وفارقت الجماعة، فبدا لك ما لم تكن تحتسب. فمهلا مهلا، احذر البغي أبا مسلم، فإن من بغى واعتدى تخلى الله عنه، ونصر عليه من يصرعه لليدين وللفم.
فأجابه أبو مسلم بكتاب فيه غلظ يقول فيه: يا عبد الله بن محمد: إني كنت

(1) في تاريخه ص: 416.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»