سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٧٥
مهيبا، شديد الوطأة، أديبا، بليغا، له رسائل تؤثر.
ومع كمال أدواته لم يرزق سعادة، بل اضطربت الأمور، وولت دولتهم.
بويع بالإمامة في نصف صفر، سنة سبع وعشرين ومئة، ولما سمع بمقتل الوليد في العام الماضي، دعا إلى بيعة من رضيه المسلمون، فبايعوه. فلما بلغه موت يزيد الناقص، أنفق الأموال، وأقبل في ثلاثين ألف فارس، فلما وصل إلى حلب، بايعوه، ثم قدم حمص، فدعاهم إلى بيعة وليي العهد:
الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد، وكانا في حبس الخليفة إبراهيم، فأقبل معه جيش حمص، ثم التقى الجمعان بمرج عذراء (1)، وانتصر مروان، فبرز إبراهيم وعسكر بميدان الحصا (2) فتفلل جمعه، فتوثب أعوانه فقتلوا وليي العهد، ويوسف بن عمر في السجن وثار شباب دمشق بعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك فقتلوه، لكونه أمر بقتل الثلاثة، ثم أخرجوا من الحبس أبا محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية السفياني ووضعوه على المنبر في قيوده، ليبايعوه، وبين يديه رأس عبد العزيز، فخطب وحض على الجماعة، وأذعن بالبيعة لمروان، فسمع إبراهيم الخليفة فهرب، وآمن مروان الناس.
فأول من سلم عليه بالخلافة أبو محمد السفياني، وأمر بنبش يزيد الناقص، وصلبه، وأما إبراهيم، فخلع نفسه، وكتب بالبيعة إلى مروان الحمار، فآمنه، فسكن بالرقة خاملا.
قال المدائني: كان مروان عظيم المروءة، محبا للهو، غير أنه شغل بالحرب، وكان يحب الحركة والسفر.

(1) مرج عذراء: يقع في شمال شرقي دمشق. يبعد عنها عشرين ميلا تقريبا. وبها قبر الصحابي حجر بن عدي الكندي، وأصحابه الذين قتلهم معاوية. وفيها الآن مصنع للسكر.
(2) وهو المكان الذي يسمى اليوم " الميدان الفوقاني " جنوب دمشق.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»