سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٥٣
خراسان، عن أبيه قال: كنت أطلب العلم، فلا آتي موضعا إلا وجدت أبا مسلم قد سبقني إليه، فألفته، فدعاني إلى منزله ودعا بما حضر، ثم لا عبته بالشطرنج وهو يلهو بهذين البيتين:
ذروني، ذروني ما قررت فإنني * متى ما أهج حربا تضيق بكم أرضي وأبعث في سود الحديد إليكم * كتائب سود طالما انتظرت نهضي قال رؤبة بن العجاج: كان أبو مسلم عالما بالشعر.
وقال أبو أحمد الجلودي: حدثنا محمد بن زكويه قال: روي لنا أن أبا مسلم صاحب الدولة قال: ارتديت الصبر، وآثرت الكتمان، وحالفت الأحزان والأشجان، وسامحت المقادير والاحكام حتى أدركت بغيتي، ثم أنشد:
قد نلت بالحزم والكتمان ما عجزت * عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا ما زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا * من رقدة لم ينمها قبلهم أحد طفقت أسعى عليهم في ديارهم * والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا ومن رعى غنما في أرض مسبعة * ونام عنها تولى رعيها الأسد (1) ورويت هذه عن الحسن بن عقيل التبعي عن أبيه.
قال محمد بن عبد الوهاب الفراء، سمعت علي بن عثام يقول: قال إبراهيم الصائغ، لما رأيت العرب وصنيعها خفت ألا يكون لله فيهم حاجة، فلما سلط الله عليهم أبا مسلم، رجوت أن تكون لله فيهم حاجة.
قلت: كان أبو مسلم بلاء عظيما على عرب خراسان، فإنه أبادهم بحد السيف.
قال أحمد بن سيار في " تاريخ مرو ": حدثنا الحسن بن رشيد العنبري، سمعت يزيد النحوي، يقول: أتاني إبراهيم [بن إسماعيل] الصائغ، فقال

(١) الأبيات في تاريخ بغداد ١٠ / ٢٠٨، والكامل ٥ / 480.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»