سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ٢٨
سمرقند، ومعه غلام، وقيل له: ما جاء بك إلى هذه البلاد؟ قال: الحاجة.
وقال عمران بن حدير: تناول عكرمة عمامة له خلقا، فقال رجل: ما تريد إلى هذه؟ عندنا عمائم نرسل إليك بواحدة، قال: لا آخذ من الناس شيئا، إنما آخذ من الامراء.
الأعمش، عن إبراهيم قال: لقيت عكرمة فسألته عن البطشة الكبرى (1) قال: يوم القيامة، فقلت: إن عبد الله كان يقول: يوم بدر، فأخبرني من سأله بعد ذلك، فقال: يوم بدر. قلت: القولان مشهوران (2).
عباس بن حماد، عن عثمان بن مرة قال: قلت للقاسم: إن عكرمة قال:
حدثنا ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزفت، والنقير، والدباء، والحنتم، والجرار (3). قال: يا ابن أخي! إن عكرمة كذاب يحدث غدوة حديثا

(1) أي: في قوله تعالى * (يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) * وتفسير ابن مسعود أخرجه البخاري 8 / 439 في التفسير: باب (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) وقد وافق ابن مسعود رضي الله عنه على تفسير الآية بهذا جماعة من السلف كمجاهد وأبي العالية وإبراهيم النخعي، والضحاك، وعطية العوفي، وهو اختيار ابن جرير الطبري.
(2) انظر الطبري 25 / 111، 115 وقال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 427: وأما طعن إبراهيم عليه بسبب رجوعه عن قوله في تفسير البطشة الكبرى إلى ما أخبر به ابن مسعود، فالظاهر أن هذا يوجب الثناء على عكرمة لا القدح، إذ كان يظن شيئا، فبلغه عمن هو أولى منه خلافه، فترك قوله لأجل قوله.
(3) ولم ينفرد عكرمة بذلك، بل رواه عن ابن عباس أبو جمرة نصر بن عمران، انظر البخاري 1 / 120، 125 و 166 و 6 / 146، و 8 / 67 ومسلم (17) وأبو داود (3692) وأحمد 1 / 228 و 274.
والمزفت: الوعاء المطلي بالزفت من داخل، والنقير: أصل خشبة تنقر، وقيل: أصل نخلة، والدباء:
القرع، واحدها: دباءة، والحنتم: جرار خضر كانوا يخزنون فيها الخمر، والجرار: جمع جرة وهو من الخزف معروف، وقيل: هو ما كان منه مدهونا. وهذه الأوعية الأربعة تسرع بالشدة في الشراب، وتحدث فيه القوة المسكرة عاجلا. وتحريم الانتباذ في هذه الظروف كان في صدر الاسلام، ثم نسخ كما في حديث بريدة رضي الله عنه مرفوعا: " كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء غير ألا تشربوا مسكرا " أخرجه مسلم في " صحيحه " (977) (65) 3 / 1585.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»