سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ١٧
وقال إسماعيل بن أبي خالد: سمعت الشعبي يقول: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة.
وقال قتادة: أعلم الناس بالحلال والحرام الحسن، وأعلمهم بالمناسك عطاء، وأعلمهم بالتفسير عكرمة.
وروى سعيد عن قتادة قال: كان أعلم التابعين أربعة، كان عطاء أعلمهم بالمناسك، وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير، وكان عكرمة أعلمهم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الحسن أعلمهم بالحلال والحرام.
روى حاتم بن وردان، عن أيوب، قال: اجتمع حفاظ ابن عباس، منهم سعيد بن جبير، وعطاء وطاووس، على عكرمة، فأقعدوه، فجعلوا يسألونه عن حديث ابن عباس، فكلما حدثهم حديثا قال سعيد: هكذا، يعقد ثلاثين، حتى سئل عن الحوت (1)، فقال عكرمة: كان يسايرهما في ضحضاح [من] الماء، فقال سعيد: أشهد على ابن عباس أنه قال: كانا يحملانه في مكتل، فقال أيوب: أراه كان يقول القولين جميعا.
قال أبو بكر الهذلي: قلت للزهري: إن عكرمة وسعيد بن جبير اختلفا في رجل من المستهزئين، فقال سعيد: الحارث بن غيطلة، وقال عكرمة:
الحارث بن قيس، فقال: صدقا جميعا، كانت أمه تدعى غيطلة (2)، وكان أبوه يدعى قيسا.

(1) يريد الحوت الذي نسيه موسى وفتاه حين بلغا مجمع البحرين، والضحضاح: مارق من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين، وقد أستعير للنار في حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب، فقال: " لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منها دماغه " أخرجه البخاري 7 / 149، ومسلم (210).
(2) وهو كذلك في تفسير الطبري 14 / 70، وفي سيرة ابن هشام 1 / 409: الحارث بن الطلاطلة. قال ابن إسحاق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله تعالى صابرا محتسبا مؤديا إلى قومه النصيحة على ما يلقى منهم من التكذيب والأذى والاستهزاء. وذكر عظماء المستهزئين، ثم قال: فلما تمادوا في الشر، وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء، أنزل الله تعالى عليه * (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون) * [الحجر: 95].
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»