سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ٣٣
زيد في آخر يوم مات فيه، فقال: أحدثكم بحديث لم أحدث به قط، إني أكره أن ألقى الله ولم أحدث به، سمعت أيوب يحدث عن عكرمة قال: إنما أنزل الله متشابه القرآن ليضل به.
قلت: هذه عبارة رديئة، بل إنما أنزله الله تعالى ليهدي به المؤمنين، وما يضل به إلا الفاسقين، كما أخبرنا عز وجل في سورة البقرة (1).
قال ابن سعد: كان عكرمة كثير العلم والحديث، بحرا من البحور، وليس يحتج بحديثه، ويتكلم الناس فيه.
قال مصعب بن عبد الله الزبيري: كان عكرمة يرى رأي الخوارج، فطلبه متولي المدينة، فتغيب عند داود بن الحصين حتى مات عنده.
قلت: ولهذا ينفرد عنه داود بأشياء تستغرب، وكثير من الحفاظ عدوا تلك الافرادات مناكير، ولا سيما إذا انفرد بها مثل ابن إسحاق ونحوه.
روى إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك بن أنس، عن أبيه قال: أتي بجنازة عكرمة مولى ابن عباس وكثير عزة بعد الظهر، فما علمت أن أحدا من أهل المسجد حل حبوته إليهما.
وروى أبو داود السنجي، عن الأصمعي، عن ابن أبي الزناد قال: مات كثير وعكرمة مولى ابن عباس في يوم واحد، فأخبرني غير الأصمعي، قال:
فشهد الناس جنازة كثير وتركوا جنازة عكرمة.

(1) نص الآية * (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) * [البقرة: 26، 27].
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»