سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ١٣٠
فأخاف ألا تحمله قلوبهم، فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا (1).
ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة قلت لطاووس: هو المهدي يعني عمر بن عبد العزيز قال: هو المهدي، وليس به إنه لم يستكمل العدل كله.
قال ابن عون: كان ابن سيرين إذا سئل عن الطلاء (2) قال: نهى عنه إمام هدى، يعني عمر بن عبد العزيز.
قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر،

(1) وتمامه في تاريخ المصنف 4 / 170: فإن أنكرت قلوبكم هذا، سكنت إلى هذا، وفي " البداية " 9 / 200: وإني لأريد الامر، فما أنفذه إلا مع طمع من الدنيا حتى تسكن قلوبهم.
(2) الطلاء بالكسر والمد: الشراب المطبوخ من عصير العنب وهو الرب. وقد رأى جواز شربه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة ومعاذ إذا طبخ، فصار على الثلث، ونقص منه الثلثان، فقد أخرج مالك 2 / 847 من طريق محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام، شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها، وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: اشربوا هذا العسل، فقالوا: لا يصلحنا العسل، فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم، فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان، وبقي الثلث، فأتوا به عمر، فأدخل فيه عمر أصبعه، ثم رفع يده، فتبعها يتمطط فقال: هذا الطلاء هو مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله، فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم، وأخرج سعيد بن منصور من طريق أبي مجلز عن عامر بن عبد الله، قال: كتب عمر إلى عمار: أما بعد، فإنه جاءني عير تحمل شرابا أسود كأنه طلاء الإبل، فذكروا أنهم يطبخونه حتى يذهب ثلثاه الأخبثان: ثلث بريحه، وثلث ببغيه، فمر من قبلك أن يشربوه. ومن طريق سعيد بن المسيب أن عمر أحل من الشراب ما طبخ، فذهب ثلثاه وبقي ثلثه، وأخرج النسائي 8 / 329 من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي، قال: كتب عمر: اطبخوا شرابكم حتى يذهب نصيب الشيطان منه، فإن للشيطان اثنين، ولكم واحد. قال الحافظ في " الفتح " 10 / 55:
وهذه أسانيد صحيحة، وقد أفصح بعضها بأن المحذور منه السكر، فمتى أسكر لم يحل، وقد وافق عمر ومن ذكر معه على الحكم المذكور أبو موسى وأبو الدرداء. أخرجه النسائي عنهما، وعلي وأبو أمامة وخالد بن الوليد وغيرهم أخرجها ابن أبي شيبة وغيره، ومن التابعين ابن المسيب والحسن وعكرمة، ومن الفقهاء الثوري والليث ومالك وأحمد والجمهور وشرط تناوله عندهم ما لم يسكر، وكرهه طائفة تورعا.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»