سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٥ - الصفحة ١٣٤
الجمعة ثم جلس وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين! إن الله قد أعطاك، فلو لبست! فقال: أفضل القصد عند الجدة، وأفضل العفو عند المقدرة (1).
قال جويرية بن أسماء: قال عمر بن عبد العزيز: إن نفسي تواقة، وإنها لم تعط من الدنيا شيئا إلا تاقت إلى ما هو أفضل منه، فلما أعطيت ما لا أفضل منه في الدنيا، تاقت إلى ما هو أفضل منه، يعني الجنة.
قال حماد بن واقد: سمعت مالك بن دينار يقول: الناس يقولون عني:
زاهد، إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها.
الفسوي: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى، حدثني أبي عن عبد العزيز [بن] عمر بن عبد العزيز قال: دعاني المنصور فقال: كم كانت غلة عمر ابن عبد العزيز حين استخلف؟ قلت: خمسون ألف دينار، قال: كم كانت يوم موته؟ قلت: مئتا دينار.
وعن مسلمة بن عبد الملك قال: دخلت على عمر وقميصه وسخ، فقلت لامرأته، وهي أخت مسلمة: اغسلوه، قالت: نفعل، ثم عدت فإذا القميص على حاله، فقلت لها، فقالت: والله ماله قميص غيره.
وروى إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن مهاجر: كانت نفقة عمر بن عبد العزيز كل يوم درهمين.
وروى سعيد بن عامر الضبعي، عن عون بن المعتمر أن عمر بن عبد العزيز قال لامرأته: عندك درهم أشتري به عنبا؟ قالت: لا، قال: فعندك فلوس؟ قالت: لا، أنت أمير المؤمنين ولا تقدر على درهم، قال: هذا أهون

(1) الخبر في طبقات ابن سعد 5 / 402، وقد تصحفت فيه " الجدة " إلى " الحدة ".
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»