ساقه، فبعث إليه الوليد، فحمل إليه ودعا الأطباء فقالوا: ليس له دواء إلا القطع. فقطعت فما تضور وجهه (1).
عمرو بن عبد الغفار، حدثنا هشام، أن أباه وقعت في رجله الأكلة، فقيل: ألا ندعو لك طبيبا؟ قال: إن شئتم، فقالوا: نسقيك شرابا يزول فيه عقلك؟ فقال: امض لشأنك، ما كنت أظن أن خلقا يشرب ما يزيل عقله حتى لا يعرف به (2)، فوضع المنشار على ركبته اليسرى، فما سمعنا له حسا فلما قطعها، جعل يقول: لئن أخذت، لقد أبقيت، ولئن ابتليت، لقد عافيت. وما ترك جزءه بالقرآن تلك الليلة (3).
يعقوب الدورقي (4): حدثنا عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، أن أباه خرج إلى الوليد بن عبد الملك، حتى إذا كان بوادي القرى، وجد في رجله شيئا، فظهرت به قرحة، ثم ترقى به الوجع. وقدم على الوليد وهو في محمل، فقال: يا أبا عبد الله اقطعها، قال: دونك. فدعا له الطبيب، وقال:
اشرب المرقد (5)، فلم يفعل، فقطعها من نصف الساق، فما زاد أن يقول:
حس، حس (6)، فقال الوليد: ما رأيت شيخا قط أصبر من هذا. وأصيب عروة بابنه محمد في ذلك السفر، ركضته بغلة في إصطبل، فلم يسمع منه في ذلك كلمة. فلما كان بوادي القرى قال: (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) [الكهف 63] اللهم كان لي بنون سبعة، فأخذت واحدا وأبقيت لي ستة، وكان لي أطراف