سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٣١٦
وأسالت العزاز، وأدحضت التلاع (1)، فصدعت عن الكماة أماكنها. وأصابتني أيضا سحابة فقاءت العيون بعد الري، وامتلأت الإخاذ (2)، وأفعمت (3) الأودية، وجئتك في مثل وجار (4) الضبع.
ثم قال: ائذن. فدخل رجل من بني أسد، فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: لا، كثر الاعصار، واغبر البلاد، وأكل ما أشرف من الجنبة (5)، فاستيقنا أنه عام سنة. فقال: بئس المخبر أنت.
ثم قال: ائذن. فدخل رجل من أهل اليمامة فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: تقنعت (6) الرواد تدعو إلى زيادتها (7)، وسمعت قائلا يقول: هلم أظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران، وتشكى فيها النساء، وتنافس فيها

وسواء وقريتان وعين التمر * خرق يكل فيه البعير والقريتان: قرية كبيرة من أعمال حمص، بينها وبين تدمر مرحلتان.
1) الدماث: السهول، ولبدت الدماث: أي صيرتها لا تسوخ فيها الأرجل. والعزاز:
الأرض الصلبة أو المكان الصلب السريع السيل. وأدحضت التلاع: صيرتها مزلقة.
2) قاءت الأرض الكمأة: أخرجتها وأظهرتها. وفي حديث عائشة تصف عمر: وبعج الأرض فقاءت أكلها: أي أظهرت نباتها وخزائنها. والإخاذ: هو مجتمع الماء، شبيه بالغدير.
3) في الأصل: " أنعمت " مصحفة، وما أثبتناه من " المعرفة والتاريخ " و " الحلية " و " ابن عساكر ".
4) الوجار: سرب الضبع إذا حفر فأمعن. قال ابن الأثير: قال الخطابي: هو خطأ، وإنما هو " في مثل جار الضبع " يقال: غيث جار الضبع، أي يدخل عليها في وجارها حتى يخرجها منه، قال: ويشهد لذلك أنه جاء في رواية أخرى: " وجئتك في ماء يجر الضبع ويستخرجها من وجارها انظر اللسان (وجر).
5) في الأصل (الجببة)، وما أثبتناه من الحلية وابن عساكر واللسان، والجنبة: وهي رطب الصليان من النبات، وقيل: الجنبة هو ما فوق البقل ودون الشجر، والصليان: نبت له سنمة عظيمة كأنها رأس القصبة، والعرب تسميه خبزة الإبل.
6) في الحديث: " تقنع يديك في الدعاء " أي ترفعهما.
7) كذا الأصل، و " الحلية " بالزاي المعجمة، ورواية " المعرفة والتاريخ " وابن عساكر واللسان: " سمعت الرواد تدعو إلى ريادتها " بالراء المهملة، ولعله هو الصواب.
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»