سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٩
الثوري: عن يحيى بن سعيد، أن ابن المسيب خلف مئة دينار. وعن عباد بن يحيى بن سعيد، أن ابن المسيب خلف ألفين أو ثلاثة آلاف. وعن ابن المسيب، قال: ما تركتها إلا لأصون بها ديني. وعنه، قال: من استغنى بالله، افتقر الناس إليه (1).
داود بن عبد الرحمن العطار: عن بشر بن عاصم، قال: قلت لسعيد ابن المسيب: يا عم ألا تخرج فتأكل اليوم مع قومك؟ قال: معاذ الله يا ابن أخي، أدع خمسا وعشرين صلاة خمس صلوات وقد سمعت كعبا (2) يقول:

(١) الحلية ٢ / ١٧٣.
(٢) هو كعب بن ماتع الحميري، يكنى أبا إسحاق، يقال له كعب الأحبار (العلماء)، كان من أحبار اليهود ومن أوسعهم اطلاعا على كتبهم، ولد في اليمن، وكان قد أدرك الجاهلية والاسلام، وتأخر إسلامه إلى سنة اثنتي عشرة في زمن عمر، ثم خرج إلى الشام وأقام بحمص وتوفي بها سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان.
قال المعلمي في " الأنوار الكاشفة " ص ٩٩: لكعب ترجمة في تهذيب التهذيب وليس فيها عن أحد من المتقدمين توثيقه، إنما فيها ثناء بعض الصحابة عليه بالعلم، وكان المزي علم عليه علامة الشيخين مع أنه إنما جرى ذكره في الصحيحين عرضا، لم يسند من طريقه شئ من الحديث فيهما، ولا أعرف له رواية يحتاج إليها أهل العلم. فأما ما كان يحكيه عن الكتب القديمة فليس بحجة عند أحد من المسلمين، وإن حكاه بعض السلف لمناسبته عنده لما ذكر في القرآن، وليس كل ما نسب إلى كعب في الكتب بثابت عنه، فإن الكذابين من بعده قد نسبوا إليه أشياء كثيرة لم يقلها.
وأخرج البخاري في صحيحه 13 / 281، 282 في كتاب الاعتصام باب لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ: عن حميد بن عبد الرحمن، سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة لما حج في خلافته، وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب وإن كنا نبلو مع ذلك عليه الكذب.
وقد قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، فيه وفي وهب بن منبه: سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان ومما لم يكن، ومما حرف وبدل ونسخ، وقد أغنانا الله بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ، ولله الحمد والمنة.
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»