سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٤
اسمه سعيد إلا ابن المسيب، فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد، فخرجت، فإذا سعيد، فظننت أنه قد بدا له، فقلت: يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فأتيك؟ قال: لا، أنت أحق أن تؤتى، إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك. فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب، ورد الباب. فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب، ثم وضعت القصعة في ظل السراج لكي لا تراه، ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران، فجاؤوني فقالوا: ما شأنك؟
فأخبرتهم. ونزلوا إليها، وبلغ أمي، فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثا، ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظ الناس لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق زوج. فمكثت شهرا لا آتي سعيد بن المسيب. ثم أتيته وهو في حلقته، فسلمت، فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض المجلس، فلما لم يبق غيري قال: ما حال ذلك الانسان؟ قلت: خير يا أبا محمد، على ما يحب الصديق، ويكره العدو. قال: إن رابك شئ، فالعصا. فانصرفت إلى منزلي، فوجه إلي بعشرين ألف درهم (1).
قال أبو بكر بن أبي داود: ابن أبي وداعة هو كثير بن المطلب بن أبي وداعة.
قلت: هو سهمي مكي، روى عن أبيه المطلب أحد مسلمة الفتح.
وعنه: ولده جعفر بن كثير، وابن حرملة.
تفرد بالحكاية أحمد بن عبد الرحمن بن وهب. وعلى ضعفه قد احتج به مسلم (2).

(1) أوردها أبو نعيم في الحلية 2 / 167، 168 (2) وثقه ابن أبي حاتم وغيره، إلا أنه تغير بأخرة.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»