سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ١٢٠
وعن محمد بن جبير أن الذي أقام الحج ابن الزبير. وحج ابن الحنفية في الخشبية (1) أربعة آلاف نزلوا في الشعب الأيسر من منى، فخفت الفتنة، فجئت ابن الحنفية، فقلت: يا أبا القاسم اتق الله، فإنا في مشعر حرام، في بلد حرام، والناس وفد الله، فلا تفسد عليهم حجهم، فقال: والله ما أريد ذلك، ولكني أدفع عن نفسي، وما أطلب هذا الامر إلا أن لا يختلف علي فيه اثنان، فائت ابن الزبير وكلمه، وعليك بنجدة فكلمه. فجئت ابن الزبير فقال:
أنا أرجع! قد اجتمع علي وبايعني الناس. وهؤلاء أهل خلاف. قلت: إن خيرا لك الكف. قال: أفعل. ثم جئت نجدة الحروري، فأجده في أصحابه وعكرمة عنده. فقلت: استأذن لي عليه. قال: فدخل فلم ينشب (2) أن أذن لي، فدخلت، فعظمت عليه وكلمته، فقال: أما أن أبتدئ أحدا بقتال، فلا.
قلت: إني رأيت الرجلين لا يريدان قتالك. ثم جئت شيعة بني أمية، فكلمتهم، فقالوا: لا نقاتل، فلم أر في تلك الألوية أسكن من أصحاب ابن الحنفية. ووقفت تلك العشية إلى جنبه، فلما غابت الشمس، التفت إلي، فقال: يا أبا سعيد ادفع، فدفعت معه، فكان أول من دفع (3).
قال خليفة (4): في سنة خمس وستين دعا ابن الزبير ابن الحنفية إلى بيعته، فأبى، فحصره في شعب بني هاشم وتوعدهم، حتى بعث المختار أبا عبد الله الجدلي إلى ابن الحنفية في أربعة آلاف سنة ست، فأقاموا معه حتى قتل المختار في رمضان سنة سبع وستين (5).

(1) الخشبية: هم أصحاب المختار بن عبيد الثقفي المتقلب الذي لم يوقف له على مذهب، وانظر في سبب تسميتهم بالخشبية ما نقله شارح القاموس مادة: خشب عن البلاذري في " الأنساب ".
(2) أي لم يلبث.
(3) ابن سعد 5 / 103، وابن عساكر 15 / 370 آ.
(4) في تاريخه ص 262.
(5) وقيل غير ذلك، وانظر 123 من هذا الجزء.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»