سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٦
فقلت: قد كان من الناس ما ترين، ولم يجعل لي من الامر شئ. قالت:
فالحق بهم، فإنهم ينتظرونك، وإني أخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم يرعه حتى ذهب. قال: فلما تفرق الحكمان، خطب معاوية، فقال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الامر، فليطلع إلي قرنه، فنحن أحق بذلك منه ومن أبيه، يعرض بابن عمر.
قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته فداك أبي وأمي؟ فقال ابن عمر:
حللت حبوتي، فهممت أن أقول: أحق بذلك منك من قاتلك وأباك على الاسلام. فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع، ويسفك فيها الدم، فذكرت ما أعد الله في الجنان (1).
وقال سلام بن مسكين: سمعت الحسن يقول: لما كان من أمر الناس ما كان زمن الفتنة، أتوا ابن عمر، فقالوا: أنت سيد الناس وابن سيدهم، والناس بك راضون، اخرج نبايعك. فقال: لا والله لا يهراق في محجمة من دم ولا في سببي (2) ما كان في روح (3).
جرير بن حازم: عن يعلى، عن نافع، قال: قال أبو موسى يوم التحكيم: لا أرى لهذا الامر غير عبد الله بن عمر. فقال عمرو بن العاص لابن عمر: إنا نريد أن نبايعك، فهل لك أن تعطى مالا عظيما على أن تدع

(1) أخرجه البخاري 7 / 309، 311 في المغازي: باب غزوة الخندق، وعبد الرزاق في " المصنف " 5 / 465 وقوله: " ونوساتها تنطف " أي: ذوائبها تقطر كأنها قد اغتسلت، فسمى الذوائب نوسات لأنها تتحرك كثيرا. وقوله: " فلما تفرق الحكمان " هي رواية عبد الرزاق، وفي البخاري " فلما تفرق الناس "، قال الحافظ: أي بعد أن اختلف الحكمان، وهما أبو موسى الأشعري وكان من قبل علي، وعمرو بن العاص وكان من قبل معاوية، وجملة " يعرض بابن عمر " هي في " المصنف "، ولم ترد عند البخاري.
(2) تحرف في المطبوع إلى " سبي ".
(3) أخرجه أبو نعيم 1 / 293 من طريق ابن إسحاق، عن عمر بن محمد بن الحسن الأسدي عن أبيه، عن سلام بن مسكين...
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»