سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ١٤٢
أبو حاتم السجستاني: عن أبي عبيدة، قال: قال معاوية: لقد وضعت رجلي في الركاب، وهممت بوم صفين بالهزيمة، فما منعني إلا قول ابن الإطنابة:
أبت لي عفتي وأبى بلائي * وأخذي الحمد بالثمن الربيح وإكراهي على المكروه نفسي * وضربي هامة البطل المشيح وقولي كلما جشأت وجاشت * مكانك تحمدي أو تستريحي (1) قال الأوزاعي: سأل رجل الحسن البصري عن علي وعثمان، فقال:
كانت لهذا سابقة ولهذا سابقة، ولهذا قرابة ولهذا قرابة، وابتلي هذا، وعوفي هذا. فسأله عن علي ومعاوية، فقال: كان لهذا قرابة ولهذا قرابة، ولهذا سابقة وليس لهذا سابقة، وابتليا جميعا.
قلت: قتل بين الفريقين نحو من ستين ألفا. وقيل: سبعون ألفا.
وقتل عمار مع علي، وتبين للناس قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تقتله الفئة الباغية " (2).

(1) الخبر مع الأبيات عند ابن عساكر 16 / 357 / ب، والأبيات في " الوحشيات " 77، و " الاختيارين ": 159، 160، و " عيون الاخبار " 1 / 126، و " العقد الفريد " 1 / 104، 105، وانظر " سمط اللآلي " 574. وابن الإطنابة: هو عمرو بن عامر بن زيد مناة الخزرجي، شاعر فارس من فرسان الجاهلية، والإطنابة: أمه: بنت شهاب من بني القين، ومعنى الإطنابة:
سير الحزام يكون عونا لسير آخر إذا قلق: وسير يشد في وتر القوس العربية. مترجم في " معجم الشعراء ": 203، 204 للمرزباني.
(2) وهو حديث صحيح مشهور بل متواتر، ولما لم يقدر معاوية على إنكاره، وقال: إنما قتله الذين جاؤوا به، كما في " المسند " 2 / 161 بسند صحيح، فأجابه علي رضي الله عنه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه، وهذا منه رضي الله عنه إلزام مفحم لا جواب عنه، وحجة لا اعتراض عليها.
وما ذهب إليه المؤلف من كون طائفة معاوية هي الباغية هو مذهب فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي، منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي، وغير هم كما قال الامام عبد القاهر الجرجاني في كتاب " الإمامة ". نقله عنه المناوي في " فيض القدير " 6 / 663.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»