سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ١٤٠
يونس: عن ابن شهاب، قال: لما بلغ معاوية هزيمة يوم الجمل وظهور علي، دعا أهل الشام للقتال معه على الشورى والطلب بدم عثمان، فبايعوه على ذلك أميرا غير خليفة.
وفي كتاب صفين ليحيى بن سليمان الجعفي (1) بإسناد له: أن معاوية قال لجرير البجلي لما قدم عليه رسولا بعد محاورة طويلة: اكتب إلى علي أن يجعل لي الشام، وأنا أبايع له ما عاش، فكتب بذلك إلى علي، ففشا كتابه، فكتب إليه الوليد بن عقبة:
معاوي إن الشام شامك فاعتصم * بشامك لا تدخل عليك الأفاعيا وحام عليها بالقنابل والقنا * ولا تك مخشوش الذراعين وانيا (2) فإن عليا ناظر ما تجيبه * فأهد له حربا تشيب النواصيا (3) ثم قال الجعفي: حدثنا يعلى بن عبيد، عن أبيه، قال: جاء أبو مسلم الخولاني وأناس إلى معاوية، وقالوا: أنت تنازع عليا أم أنت مثله؟
فقال: لا والله، إني لاعلم أنه أفضل مني وأحق بالامر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمه، والطالب بدمه، فائتوه، فقولوا له، فليدفع إلي قتلة عثمان، وأسلم له. فأتوا عليا، فكلموه، فلم يدفعهم إليه (4).

(1) هو يحيى بن سليمان بن يحيى بن سعيد الجعفي الكوفي المقرئ الحافظ نزيل مصر روى له البخاري، ومع ذلك فقد قال الحافظ في " التقريب ": صدوق يخطئ. مات سنة 237 ه‍، أو التي بعدها.
(2) مخشوش، بالخاء المعجمة والشين، أي: ولاتك مقيد اليدين، من قولهم خش البعير:
إذا جعل في أنفه الخشاش، وهو عود من خشب يجعل في أنف البعير يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده. وقد تصحف في المطبوع إلى " محسوس ".
(3) الخبر مع الأبيات عند ابن عساكر 16 / 355 / ب، 356 / آ.
(4) رجاله ثقات، وانظر " البداية " 8 / 129.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»