سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٧٣
منها، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ساببت فلانا "؟ قلت: نعم. قال:
" ذكرت أمه "؟ قلت: من ساب الرجال ذكر أبوه وأمه. فقال: " إنك امرؤ فيه جاهلية " وذكر الحديث - إلى أن قال: " إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه، وليلبسه من لباسه، ولا يكلفه ما يغلبه " (1).
قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، أنه دخل على أبي ذر بالربذة، وعنده امرأة له سوداء مشعثة، ليس عليها أثر المجاسد والخلوق. فقال: ألا تنظرون ما تأمرني به؟ تأمرني أن آتي العراق، فإذا أتيتها مالوا علي بدنياهم، وإن خليلي عهد إلي: " إن دون جسر جهنم طريقا ذا دحض ومزلة " وإنا أن نأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار أحرى أن ننجو [من أن نأتي عليه ونحن مواقير] (2).
أبو هلال، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، أن أبا ذر كان عطاؤه أربعة آلاف، فكان إذا أخذ عطاءه، دعا خادمه، فسأله عما يكفيه للسنة، فاشتراه، ثم اشترى فلوسا بما بقي. وقال: إنه ليس من وعاء ذهب ولا فضة يوكى عليه إلا وهو يتلظى على صاحبه (3).

(1) أخرجه البخاري: 1 / 80، 81 في الايمان: باب المعاصي من أمر الجاهلية، و 5 / 126 في العتق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: العبيد إخوانكم، و 10 / 390 في الأدب: باب ما ينهى من السباب واللعن، ومسلم (1661) في الايمان: باب إطعام المملوك مما يأكل، وإلباسه مما يلبس، ولا يكلفه ما لا يطيق، وأحمد 5 / 161، وأبو داود (5157) و (5158). والترمذي (1945).
(2) رجاله ثقات، وأخرجه ابن سعد 4 / 236، وأحمد 5 / 195 كلاهما عن عفان بن مسلم، عن همام بن يحيى، عن قتادة به.
(3) رجاله ثقات، إلا أنه منقطع، وهو في " طبقات ابن سعد " 4 / 230، وأخرجه موصولا أحمد 5 / 156، 165، و 175، 176، وابن سعد 4 / 229، من طريق همام، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن عبد الله بن الصامت أنه كان مع أبي ذر.. ورجاله ثقات.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»