سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٨
عكرمة بن عمار: حدثنا شداد أبو عمار، ويحيى بن أبي كثير، عن أبي أمامة وقد لقي شداد أبا أمامة قال: قال عمرو بن عبسة: قدمت مكة، إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حراء (1) عليه قومه، فتلطفت (2)، حتى دخلت عليه، فلت: ما أنت؟ قال: " نبي "، قلت: وما نبي؟ قال: " أرسلني الله " قلت: بما أرسلك؟ قال: " بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله ". قلت: من معك على هذا؟ قال: " حر وعبد " قال: ومعه أبو بكر، وبلال فقلت: إني متبعك. قال: " إنك لا تستطيع ذاك يومك هذا; ألا ترى حالي! فإذا سمعت بي قد ظهرت، فائتني ".
فذهبت إلى أهلي، وجعلت أتخبر الاخبار، حتى قدم على أهل يثرب; فقدمت المدينة، فأتيته.. وذكر الحديث (3).

(١) أي: غضاب، ذوو هم وغم قد انتقصهم أمره، وعيل صبرهم به حتى أثر في أجسامهم من قولهم: حرى الشئ يحري: إذا نقص، وبعضهم يرويه: جرآء جمع جرئ، من الجراءة وهي الاقدام والتسلط. انظر " النهاية " جرأ وحرى.
(2) في الأصل: " فأتطلب " وما أثبته من صحيح مسلم.
(3) وتمامه كما في مسلم (832) في صلاة المسافرين: باب إسلام عمرو بن عبسة، قال:
فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبر الاخبار، وأسأل الناس حين قدم المدينة، حتى قدم علي نفر من أهل يثرب، من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سراع. وقد أراد قومه قتله، فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت المدينة، فدخلت عليه، فقلت: يا رسول الله: أتعرفني؟ قال: " نعم. أنت الذي لقيتني بمكة؟ " قال: فقلت بلى. قلت: يا نبي الله، أخبرني عما علمك اله وأجهله، أخبرني عن الصلاة، قال: " صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع، بين قرني الشيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار. ثم صل، فإن الصلاة مشهودة محضورة. حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإن حينئذ تسجر جهنم. فإذا أقبل الفئ فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة. حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان. وحينئذ يسجد لها الكفار " قال:
فقلت: يا نبي الله، فالوضوء؟ حدثني عنه. قال: " ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق، فينتثر، إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء. ثم يغسل يديه إلى المرفقين، إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء. ثم يمسح رأسه، إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء. ثم يغسل قدميه إلى الكعبين. إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء.
فإن هو قام فصلى، فحمد الله، وأثنى عليه، ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه " فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة: انظر ما تقول! في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟ فقال عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة، أو مرتين، أو ثلاثا. (حتى عد سبع مرات) ما حدثت به أبدا، ولكني سمعته أكثر من ذلك. وأخرجه أحمد 4 / 122، وابن سعد 4 / 215، 217.
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»