سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٨
فتركت التجارة، ولزمت العبادة (1).
قلت: الأفضل جمع الامرين مع الجهاد، وهذا الذي قاله، هو طريق جماعة من السلف والصوفية، ولا ريب أن أمزجة الناس تختلف في ذلك، فبعضهم يقوى على الجمع، كالصديق، و عبد الرحمن بن عوف، وكما كان ابن المبارك; وبعضهم يعجز، ويقتصر على العبادة، وبعضهم يقوى في بدايته، ثم يعجز، وبالعكس; وكل سائغ. ولكن لا بد من النهضة بحقوق الزوجة والعيال.
قال سعيد بن عبد العزيز: أسلم أبو الدرداء يوم بدر، ثم شهد أحدا، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أن يرد من على الجبل، فردهم وحده. وكان قد تأخر إسلامه قليلا (2).
قال شريح بن عبيد الحمصي: لما هزم أصحاب رسول الله يوم أحد، كان أبو الدرداء يومئذ فيمن فاء إلى رسول الله في الناس، فلما أظلهم المشركون من فوقهم، قال [رسول الله]: " اللهم، ليس لهم أن يعلونا " فثاب إليه ناس، وانتدبوا، وفيهم عويمر أبو الدرداء، حتى أدحضوهم عن مكانهم، وكان أبو الدرداء يومئذ حسن البلاء. فقال رسول الله: " نعم الفارس عويمر " (3)!

(1) أخرجه " ابن سعد " 7 / 391، عن أبي معاوية الضرير بهذا الاسناد، وذكره الهيثمي في " المجمع " 9 / 367، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وهو في " تاريخ ابن عساكر " 13 / 37 / 1.
(2) ابن عساكر 13 / 370 / 1.
(3) ابن عساكر 13 / 370 / 1، وهو مرسل، فإن شريح بن عبيد لم يدرك أبا الدرداء، وانتدبوا: أسرعوا، وأدحضوهم: أزالوهم. وانظر ابن سعد 7 / 392، و " المستدرك " 3 / 337.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»