سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٢١٤
وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة. رضي الله عنها (1).
وعن عمر: أنه قسم لأمهات المؤمنين في العام اثني عشر ألف درهم لكل واحدة; إلا جويرية، وصفية، فقرر لكل واحدة نصف ذلك. قاله الزهري.
ابن جريج، عن عطاء، سمع عبيد بن عمير (2) يقول: سمعت عائشة تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش، ويشرب عندها عسلا. فتواصيت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها، فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير! أكلت مغافير! فدخل على إحداهما، فقالت له ذلك. قال:
بل شربت عسلا عند زينب، ولن أعود له. فنزل: * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) * [التحريم: 1]... إلى قوله: * (إن تتوبا) * - يعني:
حفصة، وعائشة. * (وإذ أسر النبي) *: قوله: بل شربت عسلا (3).

(١) أخرجه مسلم (٢٤٢٢) في فضائل الصحابة، من طريق الزهري، أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عائشة في خبر مطول، وفيه: قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى ما عدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة... وأخرجه أحمد 6 / 151 من طريق الزهري عن عروة عن عائشة بلفظ: ولم أر امرأة خيرا منها، وأكثر صدقة، وأصول للرحم، وأبذل لنفسها في كل شئ يتقرب به إلى الله عز وجل من زينب ما عدا سورة من غرب حد كان فيها توشك منها الفيئة.
(2) تحرف في المطبوع إلى عمر.
(3) أخرجه البخاري 11 / 499 في الايمان والنذور: باب إذا حرم طعاما. و 9 / 330، 331 في الطلاق: باب (لم تحرم ما أحل الله لك)، ومسلم (1474) في الطلاق: باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق وابن سعد 8 / 107، وأخرجه البخاري 8 / 503 في التفسير عن عائشة بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب ابنة جحش، ويمكث عندها، فواطأت أنا وحفصة عن أيتنا دخل عليها، فلتقل له: أكلت مغافير، إني أجد منك ريح مغافير، قال: " لا ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب ابنة جحش، فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا " والمغافير: صمغ شبيه بالناطف ينضحه العرفط، فيوضع في ثوب، ثم ينضح بالماء فيشرب، وله ريح منكرة.
وثمة سبب آخر في نزول الآية، فقد أخرج سعيد بن منصور بإسناد صحيح فيما قاله الحافظ إلى مسروق قال: حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة لا يقرب أمته، وقال: هي علي حرام، فنزلت الكفارة ليمينه، وأمر أن لا يحرم ما أحل الله له، وأخرج الضياء المقدسي في " المختارة " من مسند الهيثم بن كليب، ثم من طريق جرير بن حازم، عن أيوب عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة: " لا تخبري أحدا إن أم إبراهيم علي حرام " قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة، فأنزل الله (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) وأخرج الطبراني في عشرة النساء، وابن مردويه من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمارية ببيت حفصة، فجاءت، فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله في بيتي تفعل هذا معي دون نسائك فذكر نحوه. وللطبراني من طريق الضحاك، عن ابن عباس قال: دخلت حفصة بيتها، فوجدته يطأ مارية، فعاتبته فذكر نحوه، قال الحافظ: وهذه طرق يقوي بعضها بعضا، فيحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معا. وقد روى النسائي من طريق حماد، عن ثابت، عن أنس هذه القصة مختصرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به حفصة وعائشة حتى حرمها، فأنزل الله تعالى (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) الآية.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»