سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ١٢٣
رواه الحاكم في " المستدرك ". وفيه من طريق أبان بن تغلب، عن أبي بشر، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، " لا يبغضنا أهل البيت أحد، إلا أدخله الله النار " (1).
إسرائيل، عن نيسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زر، عن حذيفة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نزل ملك فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ". وروي من وجه آخر عن المنهال، رواهما الحاكم (2).
يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قال:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فاطمة وأنا معه، وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب، فقالت: هذه أهداها لي أبو حسن. فقال: " يا فاطمة، أيسرك أن يقول الناس: هذه فاطمة بنت محمد وفي يدها سلسلة من نار "! ثم خرج.
فاشترت بالسلسلة غلاما، فأعتقته (3)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار " رواه أبو داود (4).

(١) أخرجه الحاكم ٣ / ١٥٠، وصححه، وأقره الذهبي، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس.
(٢) ٣ / ١٥١، وصححه، وأقره الذهبي، وفي الباب عن أبي هريرة رواه الطبراني فيما ذكره الهيثمي في " المجمع " ٩ / ٢٠١، وقال: ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن مروان الذهلي، ووثقه ابن حبان، وقد تقدم حديث عائشة المتفق عليه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: " أما ترضين أن تكوني سيدة أهل الجنة ".
(٣) سقط من المطبوع " فأعتقته ".
(٤) هو الطيالسي صاحب " المسند " وهو فيه ٢ / ٣٥٤، وكان على المصنف رحمه الله أن يقيده حتى لا يلتبس بأبي داود السجستاني صاحب السنن، فإنه المتبادر عند الاطلاق، وأخرجه النسائي ٨ / ١٥٨ في الزينة، والحاكم ٣ / ١٥٢، ١٥٣ من طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلام، عن أبي أسماء، عن ثوبان... وأخرجه أحمد ٥ / ٢٧٨، ٢٧٩ من طريق همام، والنسائي ٨ / ١٥٨ من طريق هشام كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان. وهذا سند رجاله ثقات إلا أنه قد أعل بالانقطاع، فقد نقل ابن القيم في " تهذيب السنن " ٦ / ١٢٦ عن ابن القطان قوله: وعلته أن الناس قالوا: إن رواية يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام منقطعة، على أن يحيى قال: حدثني زيد بن سلام، وقد قيل: إنه دلس ذلك، ولعله كان أجازه زيد بن سلام، فجعل يقول: حدثنا زيد. وهذا النوع من التدليس بينه الحافظ ابن حجر في " طبقات المدلسين " فقال: ويلتحق بالتدليس ما يقع من بعض المحدثين من التعبير بالتحديث أو الاخبار عن الإجازة موهما السماع، ولا يكون سمع من ذلك الشيخ شيئا. وقال المؤلف في " ميزانه " في ترجمة يحيى بن أبي كثير: وروايته عن زيد بن سلام منقطعة، لأنها من كتاب وقعت له. ومع كل ما تقدم، فقد صحح الحديث الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه أيضا الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب " ١ / ٥٥٧ في باب الترهيب من منع الزكاة.
وما ذهب إليه الشيخ ناصر الدين الألباني بالاستناد إلى هذا الحديث وغيره مما أورده في " آداب الزفاف " من تحريم تحلي النساء بالذهب المحلق، وإباحة غير المحلق لهن، فقد خالف بذلك إجماع المسلمين سلفا وخلفا على إباحة تحلي النساء بالذهب محلقا وغير محلق كالطوق والخاتم والسوار، والخلخال والقلائد، وقد نقل الاجماع غير واحد من العلماء المحققين كالجصاص الرازي في " أحكام القرآن " 4 / 477 والقرطبي في " تفسيره " 16 / 71، 72، والنووي في " المجموع " 4 / 442 و 6 / 40، والحافظ ابن حجر في " فتح الباري " 10 / 317 - ولا يتسع هذا التعليق لبيان وهاء رأيه هذا الذي انفرد به، والشبهات التي أثارها حول هذه المسألة، ونحيل القارئ الكريم على كتاب " إباحة التحلي بالذهب المحلق للنساء " للشيخ الفاضل إسماعيل بن محمد الأنصاري! فقد تكفل بالرد عليه، وتوهين ما استند إليه من الأحاديث التي يظن أنها تدل على مدعاه، ونقل عن العلماء أن المراد منها - على فرض صحتها - غير ما ذهب إليه، وأورد نصوصا من الكتاب والسنة الصحيحة تدل على صحة ما ذهب إليه جماهير السلف والخلف من العلماء، وقد أجاد في كل ذلك وأفاد، فجزاه الله عنا خير الجزاء.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»