السخاوي بخطه تجاه ترجمة سلامة الصياد المنبجي الزاهد ما نصه: " يا مسلم استحي من الله، كم تجازف، وكم تضع من أهل السنة الذين هم الأشعرية، ومتى كانت الحنابلة، وهل ارتفع للحنابلة قط رأس " (1).
ومع ذلك فإن هذه القضية جديرة بالدرس لأنها توضح أهمية كتاب الذهبي من جهة، ومنهجه ومدى عدالته في النقد والتحري من جهة أخرى.
ولقد أبانت دراستنا لتاريخ الاسلام أن الذهبي قد وفق إلى أن يكون منصفا إلى درجة غير قليلة في نقده لكثير من الناس، وما رأينا عنده تفريقا كبيرا بين علماء المذاهب الأربعة، وما كان يرضى الكلام بغير حق ولا حتى نقله في بعض الأحيان، قال في ترجمة الحسن بن زياد اللؤلؤي الفقيه الحنفي " قد ساق في ترجمة هذا أبو بكر الخطيب أشياء لا ينبغي لي ذكرها (2) " وقال في ترجمة ابن الحريري الدمشقي الحنفي " ت 728 ": " قاضي القضاة علامة المذهب ذو العلم والعمل (3) وقوله في قاضي الحنفية شمس الدين الأذرعي " ت 673 ": " لم يخلف بعده مثله " (4) وترجم لأبي جعفر الطحاوي ترجمة رائقة، ودلل على سعة معرفته وفضله وعلمه الجم (5) وقال في ترجمة عماد الدين الجابري الحنفي المتوفى سنة 584 ه من " السير ": " شيخ الحنفية نعمان الزمان " (6)، وقال في ترجمة المرغيناني الحنفي: " كان من أوعية العلم " (7)