بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فإن هذا السفر العظيم الذي نقدمه للقراء يعد من أعظم كتب التراجم التي انتهت إلينا من تراث الأقدمين ترتيبا وتنقيحا، وتوثقا وإحكاما، وإحاطة وشمولا، فهو يبين عن سعة اطلاع المؤلف رحمه الله على كل ما سبقه من تواليف في موضوعه، ودراية تامة بأحوال المترجمين، وبكل ما قيل في حقهم، وقدرة بارعة على غربلة الاخبار وتمحيصها وتنقيدها، وبيان حالها.
ويتميز عن غيره من الكتب التي ألفت في بابه أنه أول كتاب عام للتراجم في تراثنا، تناول جميع العصور التي سبقت عصر المؤلف، واشتملت تراجمه على الاعلام المختارة من جميع العالم الاسلامي من شرقه إلى غربه، ولم يقتصر على نوع معين من الاعلام، بل تنوعت تراجمه، فشملت كل فئات الناس من الخلفاء والملوك، والامراء والوزراء، والقضاة والقراء، والمحدثين والفقهاء، والأدباء واللغويين، والنحاة والشعراء، والزهاد والفلاسفة والمتكلمين، إلا أنه آثر المحدثين على غيرهم، فإنه كان عظيم الاكبار لهم، شديد الكلف بهم.